" صفحة رقم ١٨٥ "
كثرة حَمد الحامدين إياه كما قالوا : فلان ممَدَّح، إذا تكرر مدحُه من مادحين كثيرين.
فاسم ( محمّد ) يفيد معنى : المحمود حمداً كثيراً ورمز إليه بأحمد.
وهذه الكلمة الجامعة التي أوحى الله بها إلى عيسى عليه السّلام أراد الله بها أن تكون شعاراً لجماع صفات الرسول الموعود به ( ﷺ ) صيغت بأقصى صيغة تدل على ذلك إجمالاً بحسب ما تسمح اللغة بجمعه من معاني. ووُكل تفصيلها إلى ما يظهر من شمائله قبل بعثته وبعدها ليتوسمها المتوسمون ويتدبر مطاويها الراسخون عند المشاهدة والتجربة.
جاء في إنجيل متَّى في الإِصحاح الرابع والعشرين قول عيسى ( ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيراً ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يكون المنتهى )، ومعنى يكرز يدعو وينبىء، ومعنى يصير إلى المنتهى يتأخر إلى قرب الساعة.
وفي إنجيل يوحنّا في الإِصحاح الرابع عشر ( إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب فيعطيكم فارقليط آخر يثبت معكم إلى الأبد ). و ( فارقليط ) كلمة رومية، أي بوانية تطلق بمعنى المُدافع أو المسلي، أي الذي يأتي بما يدفع الأحزان والمصائب، أي يأتي رحمة، أي رسول مبشر، وكلمة آخر صريحة في أنه رسول مثل عيسى.
وفي الإصحاح الرابع عشر ( والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل الذي أرسلني. وبهذا كَلّمتُكم وأنا عندكم ( أي مدة وجودي بينكم )، وأما ( الفارقليط ) الروح القدسي الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما


الصفحة التالية
Icon