" صفحة رقم ١٩١ "
من كيفية أو كمية، فتمام النور : حصول أقوى شعاعه وإتمامه إمداد آلته بما يقوى شعاعه كزيادة الزيت في المصباح وإزالة ما يغشاه.
وجملة ) ولو كره الكافرون ( حالية و ) لو ( وصلية، وهي تدل على أن مضمون شرطها أجدر ما يُظَنُّ أن لا يحصل عند حصوله مضمونُ الجوَاب. ولذلك يقدِّر المعربون قبله ما يدلّ على تقدير حصول ضد الشرط. فيقولون هذا إذا لم يكن كذا بل وإن كان كذا، وهو تقدير معنى لا تقدير حذف لأن مثل ذلك المحذوف لا يطرد في كل موقع فإنه لا يستقيم في مثل قوله تعالى :( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ( ( يوسف : ١٧ )، إذ لا يقال : هذا إذا كنّا كاذبين، بل ولو كنا صادقين. وكذلك ما في هذه الآية لأن المعنى : والله متمّ نورَه على فرض كراهة الكافرين، ولما كانت كراهة الكافرين إتمام هذا النور محققةً كان سياقها في صورة الأمر المفروض تهكماً. وتقدم استعمال ( لو ) هذه عند قوله تعالى :( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به في سورة آل عمران.
وإنما كانت كراهية الكافرين ظهور نور الله حالة يُظنّ انتفاء تمام النور معها، لأن تلك الكراهية تبعثهم على أن يتألبوا على إحداث العراقيل وتضليل المتصدين للاهتداء وصرفهم عنه بوجوه المكر والخديعة والكيد والإِضرار.
وشمل لفظ الكافرون ( جميع الكافرين بالإِسلام من المشركين وأهل الكتاب وغيرهم.
ولكن غلب اصطلاح القرآن على تخصيص وصف الكافرين بأهل الكتاب ومقابلتهم بالمشركين أو الظالمين ويتجه على هذا أن يكون الاهتمام بذكر هؤلاء بعد ) لو ( الوصلية لأن المقام لإِبطال مرادهم إطفاء نور الله فإتمام الله نوره إبطال لمرادهم إطفاءَه. وسيرد بعد هذا ما يبطل مراد غيرهم من المعاندين وهم المشركون.
وقرأ نافع وأبو عَمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم ) متمٌ نورَه ( بتنوين ) متمٌ ( ونصب ) نورَه ). وقرأه ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص وخلف بدون تنوين وجَرّ ) نورِه ( على إضافة اسم الفاعل على مفعوله وكلاهما فصيح.


الصفحة التالية
Icon