" صفحة رقم ١٩٣ "
من تفريط المسلمين في إقامة الدين على وجهه فغلبت عليهم أمم، فأمّا الدين فلم يزل عالياً مشهوداً له من علماء الأمم المنصفين بأنه أفضل دين للبشر.
وخص المشركون بالذكر هنا إتماماً للذين يكرهون إتمام هذا النور، وظهور هذا الدين على جميع الأديان. ويعلم أن غير المشركين يكرهون ظهور هذا الدين لأنهم أرادوا إطفاء نور الدين لأنهم يكرهون ظهور هذا الدين فحصل في الكلام احتباك.
( ١٠ ١٢ ) ) لله (
هذا تخلص إلى الغرض الذي افتتحت به السورة من قوله :( يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( إلى قوله :( كأنهم بنيان مرصوص ( ( الصف : ٢ ٤ ). فبعد أن ضربت لهم الأمثال، وانتقل الكلام من مجال إلى مجال، أعيد خطابهم هنا بمثل ما خوطبوا به بقوله :( يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( ( الصف : ٢ )، أي هل أدلكم على أحب العمل إلى الله لتعملوا به كما طلبتم إذْ قلتم لو نعلم أيَّ الأعمال أحبّ إلى الله لعملنا به فجاءت السورة في أُسلوب الخطابة.
والظاهر أن الضمير المستتر في ) أدلكم ( عائد إلى الله تعالى لأن ظاهر الخطاب أنه موجه من الله تعالى إلى المؤمنين. ويجوز أن يجعل الضمير إلى النبي ( ﷺ ) على تقدير قول محذوف وعلى اختلاف الاحتمال يختلف موقع قوله الآتي ) وبشر المؤمنين ( ( الصف : ١٣ ).
والاستفهام مستعمل في العَرض مجازاً لأن العارض قد يسأل المعروضَ عليه ليعلم رغبته في الأمر المعروض كما يقال : هل لك في كذا ؟ أو هل لك إلى كذا ؟


الصفحة التالية
Icon