" صفحة رقم ٢٠٢ "
في الأناجيل.
وقد سمى النبي ( ﷺ ) الزبير بن العوام حواريَّهُ على التشبيه بأحد الحواريين فقال :( لكل نبيء حواري وحواري الزبير ). وقد تقدم ذكر الحواريين في قوله تعالى :( قال الحواريون نحن أنصار الله في سورة آل عمران.
واعلم أن مقالة عيسى عليه السّلام المحكية في هذه الآية غير مقالته المحكية في آية آل عمران فإن تلك موجهة إلى جماعة بني إسرائيل الذين أحسّ منهم الكفر لمَّا دعاهم إلى الإِيمان به. أمّا مقالته المحكية هنا فهي موجهة للذين آمنوا به طالباً منهم نصرته لقوله تعالى : كما قال عيسى ابن مريم للحواريين ( الآية، فلذلك تعين اختلاف مقتضى الكلامين المتماثلين.
وعلى حسب اختلاف المقامين يجرى اختلاف اعتبار الخصوصيات في الكلامين وإن كانا متشابهين فقد جعلنا هنالك إضافة ) أنصارُ الله ( ( آل عمران : ٥٢ ) إضافة لفظية وبذلك لم يكن قولهم :( نحن أنصار الله ( مفيداً للقصر لانعدام تعريف المسند. فأما هنَا فالأظهر أن كلمة ) أنصار الله ( اعتبرت لقباً للحواريين عَرَّفوا أنفسهم به وخلعوه على أنفسهم فلذلك أرادوا الاستدلال به على أنهم أحق الناس بتحقيق معناه، ولذلك تكون إضافة ) أنصار ( إلى اسم الجلالة هنا إضافة معنوية مفيدة تعريفاً فصارت جملة ) نحن أنصار الله ( هنا مشتملة على صيغة قصر على خلاف نظيرتها التي في سورة آل عمران.
ففي حكاية جواب الحواريين هنا خصوصية صيغة القصر بتعريف المسند إليه والمسند. وخصوصيةُ التعريف بالإِضافة. فكان إيجازاً في حكاية جوابهم بأنهم أجابوا بالانتداب إلى نصر الرسول وبجعل أنفسهم محقوقين بهذا النصر لأنهم محضوا أنفسهم لنصر الدين وعُرِفوا بذلك وبحصر نصر الدين فيهم حصراً يفيد المبالغة في تمحضهم له حتى كأنه لا ناصر للدين غيرهم مع قلتهم وإفادته التعريض بكفر بقيّة قومهم من بني إسرائيل.
وفرع على قول الحواريين ) نحن أنصار ( الإخبار بأن بني إسرائيل افترقوا طائفتين طائفة آمنت بعيسى وما جاء به، وطائفة كفرت بذلك وهذا التفريع يقتضي كلاماً مقدراً وهو فَنصروا الله بالدعوة والمصابرة عليها فاستجاب بعض بني


الصفحة التالية
Icon