" صفحة رقم ٢٠٨ "
أخرى من القرآن كما في سورة الأعراف ) قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً وفي سورة سبأ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً.
والمراد بالأميين ( : العرب لأن وصف الأميّة غالب على الأمة العربية يومئذٍ. ووصف الرسول ب ) منهم (، أي لم يكن غريباً عنهم كما بعث لوطاً إلى أهل سدوم ولا كما بعث يونس إلى أهل نينوَى، وبعث إلياس إلى أهل صيدا من الكنعانيين الذين يعبدون بَعل، ف ( من ) تبعيضية، أي رسولاً من العرب.
وهذه منة موجهة للعرب ليشكروا نعمة الله على لطفه بهم، فإن كون رسول القوم منهم نعمةٌ زائدة على نعمة الإِرشاد والهدي، وهذا استجابة لدعوة إبراهيم إذ قال :( ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم ( ( البقرة : ١٢٩ ) فتذكيرهم بهذه النعمة استنزال لطائر نفوسهم وعنادهم.
وفيه تورك عليهم إذ أعرضوا عن سماع القرآن فإن كون الرسول منهم وكتابه بلغتهم هو أعون على تلقي الإِرشاد منه إذ ينطلق بلسانهم ويحملهم على ما يصلح أخلاقهم ليكونوا حملة هذا الدين إلى غيرهم.
و ) الأميين ( : صفة لموصوف محذوف دل عليه صيغة جمع العقلاء، أي في الناس الأميين. وصيغة جمع الذكور في كلام الشارع تشمل النساء بطريقة التغليب الاصطلاحي، أي في الأميين والأمِّيات فإن أدلة الشريعة قائمة على أنها تعم الرجال والنساء إلا في أحكام معلومة.
والأميون : الذين لا يقرؤون الكتابة ولا يكتبون، وهو جمع أمي نسبة إلى الأمة، يعنون بها أمة العرب لأنهم لا يكتبون إلا نادراً، فغلبت هذا التشبيه في الإطلاق عند العرب حتى صارت تطلق على من لا يكتب ولو من غيرهم، قال تعالى في ذكر بني إسرائيل ) ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وقد تقدم في سورة البقرة.
وأوثر التعبير به هنا توركاً على اليهود لأنهم كانوا يقصدون به الغض من العرب ومن النبي جهلاً منهم فيقولون : هو رسول الأميين وليس رسولاً إلينا. وقد قال ابن صياد للنبي لما قال له : أتشهد أني رسول الله. أشهد أنكَ