" صفحة رقم ٢١١ "
وإما أن يجعل ) وآخرين ( مفعولاً معه. والواو للمعية ويتنازعه الأفعال الثلاثة وهي ( يتلو، ويزكي، ويعلم ). والتقدير : يتلو على الأميين آياتنا ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة مع آخرين.
وجملة ) وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ( ( الجمعة : ٢ ) معترضة بين المعطوف والمعطوف عليها أو بين الضمائر والمفعول معه و ) آخرين ( : جمع آخر وهو المغاير في وصف مما دل عليه السياق. وإذ قد جعل ) آخرين ( هنا مقابلاً للأميين كان مراداً به آخرون غير الأميين، أي من غير العرب المعنيين بالأميين.
فلو حملنا المغايرة على المغايرة بالزمان أو المكان، أي مغايرين للذين بعث فيهم الرسول، وجعلنا قوله :( منهم ( بمعنى أنهم من الأميين، وقلنا : أريد وآخرين من العرب غير الذين كان النبي ( ﷺ ) فيهم، أي عَرباً آخرين غير أهل مكة، وهم بقية قبائل العرب ناكده ما روى البخاري ومسلم والترمذي يزيد آخِرهم على الأوَّلَيْن عن أبي هريرة قال : كنّا جلوساً عند النبي ( ﷺ ) فأنزلت عليه سورة الجمعة فتلاها فلما بلغ ) وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ( قال له رجل : مَن هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعه حتى سأَل ثلاثاً، وفينا سلمان الفارسي ووضع رسول الله يده على سلمان وقال : لو كان الإِيمانُ عند الثريا لناله رجال من هؤلاء ؟ وهذا وارد مورد التفسير لقوله تعالى :( وآخرين ).
والذي يلوح أنه تفسير بالجزئي على وجه المثال ليفيد أن ) آخرين ( صادق على أمم كثيرة منها أمةُ فارس، وأما شموله لقبائل العرب فهو بالأوْلى لأنهم مما شملهم لفظ الأميين.
ثم بِنَا أن ننظر إلى تأويل قوله تعالى :( منهم ). فلنا أن نجعل ( مِن ) تبعيضية كما هو المتبادر من معانيها فنجعلَ الضمير المجرور ب ( مِن ) عائداً إلى ما عاد إليه ضمير ) كانوا ( من قوله :( وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ( ( الجمعة : ٢ )، فالمعنى : وآخرين من الضَّالين يتلو عليهم آيات الله ويزكيهم الكتاب والحكمة ولنا أن نجعل ( مِن ) اتصالية كالتي في قوله تعالى :( لست منهم في شيء ( ( الأنعام : ١٥٩ ).
والمعنى : وآخرين يتصلون بهم ويصيرون في جملتهم، ويكون قوله :( منهم (


الصفحة التالية
Icon