" صفحة رقم ٢٤٣ "
و ) يؤفكون ( يُصرفون يقال : أفَكَه، إذا صرفه وأبعده، والمراد : صرفهم عن الهدى، أي كيف أمكن لهم أن يصرفوا أنفسهم عن الهدى، أو كيف أمكن لمضلليهم أن يصرفوهم عن الهدى مع وضوح دلائله.
وتقدم نظير هذه الآية في سورة براءة.
هذا حالهم في العناد ومجافاة الرسول ( ﷺ ) والإِعراض عن التفكر في الآخرة، بَلْهَ الاستعداد للفوز فيها.
و ) تعالوا ( طَلَب من المخاطب بالحضور عند الطالب، وأصله فِعل أمر من التَعالي، وهو تكلف العُلو، أي الصعود، وتنوسي ذلك وصار لمجرد طلب الحضور، فلزم حالة واحدة فصار اسم فِعل، وتقدم عند قوله تعالى :( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم الآية في سورة الأنعام.
وهذا الطلب يجعل تعالوا ( مشعر بأن هذه حالة من أحوال انفرادهم في جماعتهم فهي ثالث الأغراض من بيان مختلف أنواع تلك الأحوال، وقد ابتدأت ب ) إذا ( كما ابتدىء الغرضان السابقان ب ) إذا ( ) إذا جاءك المنافقون ( ( المنافقون : ١ ). و ) إذا رأيتَهم تعجبك أجسامهم ( ( المنافقون : ٤ ).
والقائل لهم ذلك يحتمل أن يكون بعضَ المسلمين وَعَظوهم ونصحوهم، ويحتمل أنه بعض منهم اهتدى وأراد الإِنابة.
قيل المقول له هو عبد الله بنُ أُبَيّ ابن سلول على نحو ما تقدم من الوجوه في ذكر المنافقين بصيغة الجمع عند قوله :( إذا جاءك المنافقون ( ( المنافقون : ١ ) وما بعده.
والمعنى : اذهبوا إلى رسول الله وسَلُوه الاستغفار لكم. وهذا بدل دلالة اقتضاء على أن المراد توبوا من النفاق وأخلصوا الإِيمان وسَلُوا رسول الله ليستغفر لكم ما فرط منكم، فكانَ الذي قال لهم ذلك مطَّلعاً على نفاقهم وهذا كقوله تعالى في


الصفحة التالية
Icon