" صفحة رقم ٢٦ "
فهذه الآية تمهيد لقوله تعالى : ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ( الآية ( المجادلة : ٨ ).
و ) ألم تر ( من الرؤية العلمية لأن علم الله لا يُرى وسَدَّ المصدر مسدَّ المفعول. والتقدير : ألم ترَ الله عالماً.
و ) ما في السماوات وما في الأرض ( يعمّ المبصرات والمسموعات فهو أعم من قوله :( والله على كل شيء شهيد ( ( المجادلة : ٦ ) لاختصاصه بعلم المشاهدات لأن الغرض المفتتح به هذه الجملة هو علم المسموعات.
وجملة ) ما يكون من نجوى ثلاثة ( إلى آخرها بدل البعض من الكل فإن معنى قوله :( إلا هو رابعهم ). وقوله :( إلا هو سادسهم ( وقوله :( إلا هو معهم (، أنه مطلع على ما يتناجون فيه فكأنه تعالى نجيّ معهم.
و ) ما ( نافية. و ) يكون ( مضارع ( كان ) التامة، و ) من ( زائدة في النفي لقصد العموم، و ) نجوى ( في معنى فاعل ) يكون ).
وقرأ الجمهور ) يكون ( بياء الغائب لأن تأنيث ) نجوى ( غير حقيقي، فيجوز فيه جري فعله على أصل التذكير ولا سيما وقد فصل بينه وبين فاعله بحرف ) من ( الزائدة. وقرأه أبو جعفر بتاء المؤنث رعياً لصورة تأنيث لفظه.
والنجوى : اسم مصدر ناجاهُ، إذا سارَّه. و ) ثلاثة ( مضاف إليه ) نجوى ). أي ما يكون تناجي ثلاثة من الناس إلا الله مطلع عليهم كرابع لهم، ولا خمسة إلا هو كسادس لهم، ولا أدنى ولا أكثر إلاّ هو كواحد منهم. وضمائر الغيبة عائدة إلى ) ثلاثة ( وإلى ) خمسة ( وإلى ) ذلك ( و ) أكثر ).
والمقصود من هذا الخبر الإِنذار والوعيد وتخصيص عددي الثلاثة والخمسة بالذكر لأن بعض المتناجين الذي نزلت الآية بسببهم كانوا حلفاً بعضها من ثلاثة وبعضها من خمسة. وقال الفراء : المعنى غير مصمود والعدد غير مقصود.
وفي ( الكشاف ) عن ابن عباس : نزلت في ربيعة وحبيب ابني عمرو ( بننِ عمير من


الصفحة التالية
Icon