" صفحة رقم ٢٦١ "
عن الشركاء وعن النقائص لا مقتضى لها إلا انفرادُه بتملكها وإيجادها وما فيها من الاحتياج إليه وتصرفه فيها تصرف المالك المتفرد في ملكه.
وفي هذه الجملة تنويه بإقبال أهل السماوات والأرض على تسبيح الله وتجديد ذلك التسبيح.
فتقديم المسند على المسند إليه لإِفادة تخصيصه بالمسند إليه، أي قصر تعلق لام الاستحقاق بالملك عليه تعالى فلا ملك لغيره وهو قصر ادعائي مبني على عدم الاعتداد بما لغير الله من ملك لنقصه وعدم خلوّه عن الحاجة إلى غيره من هو له بخلاف ملكه تعالى فهو الملك المطلق الداخل في سلطانه كل ذي ملك.
وجملة ) وله الحمد ( مضمونها سبب لتسبيح الله ما في السماوات وما في الأرض، إذ التسبيح من الحمد، فلا جرم أن كان حمد ذوي الإِدراك مختصاً به تعالى إذ هو الموصوف بالجميل الاختياري المطلق فهو الحقيق بالحمد والتسبيح.
فهذا القصر ادعائي لعدم الاعتداد بحمد غيره لنقصان كمالاتهم وإذا أريد بالحمد ما يشمل الشكر أو يفضي إليه كما في الحديث ( الحمد رأس الشكر لم يشكر الله عبد لم يحمده ) وهو مقتضى المقام من تسفيه أحلام المشركين في عبادتهم غيره فالشكر أيضاً مقصور عليه تعالى لأنه المنعم الحق بنعم لا قبل لغيره بإسدائها، وهو المفيض على المنعمين ما ينعمون به في الظاهر، قال تعالى :( وما بكم من نعمة فمن الله ( ( النحل : ٥٣ ) كما تقدم في تفسير أول سورة الفاتحة.
وجملة ) وهو على كل شيء قدير ( معطوفة على اللتين قبلها وهي بمنزلة التذييل لهما والتبيين لوجه القصرين فيهما، فإن التقدير على كل شيء هو صاحب الملك الحق وهو المختص بالحمد الحق.
وفي هذا التذييل وعد للشاكرين ووعيد وترهيب للمشركين.
والاقتصار على ذكر وَصف ) قدير ( هنا لأن المخلوقات التي تسبح الله دالة على صفة القدرة أولاً لأن من يشاهد المخلوقات يعلم أن خالقها قادر.


الصفحة التالية
Icon