" صفحة رقم ٢٦٦ "
عطف على جملة ) وصوركم ( لأن التصوير يقتضي الإِيجاد فأعقب بالتذكير بأن بعد هذا الإِيجادِ فناءً ثم بعثاً للجزاء.
والمَصير مصدر ميمي لفعل صادر بمعنى رَجع وانتهى، ولذلك يُعدَّى بحرف الانتهاء، أي ومرجعكم إليه يعني بعد الموت وهو مصير الحشر للجزاء.
وتقديم ) إليه ( على ) المصير ( للرعاية على الفاصلة مع إفادة الاهتمام بتعلق ذلك المصير بتصرف الله المحض. وليس مراداً بالتقديم قصر لأن المشركين لا يصدقون بهذا المصير من أصله بَلْهَ أن يدَّعوا أنه مصير إلى غيره حتى يُردّ عليهم بالقصر.
وهذه الجملة أشد ارتباطاً بجملة ) خلق السماوات والأرض بالحق ( منها بجملة ) وصوركم فأحسن صوركم ( كما يظهر بالتأمل.
كانوا ينفون الحشر بعلة أنه إذا تفرقت أجزاء الجسد لا يمكن جمعها ولا يحاط بها. ) وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد ( ( السجدة : ١٠ )، فكان قوله تعالى :( يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون ( دحضا لشبهتهم، أي أن الذي يعلم ما في السماوات والأرض لا يعجزه تفرق أجزاء البدن إذا أراد جمعها. والذي يعلم السرّ في نفس الإِنسان، والسرُّ أدق وأخفى من ذرات الأجساد المتفرقة، لا تخفى عليه مواقع تلك الأجزاء الدقيقة ولذلك قال تعالى :( أيحسب الإِنسانُ أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه ( ( القيامة : ٣، ٤ ).
فالمقصود هو قوله :( ويعلم ما تسرون ( كما يقتضيه الاقتصار عليه في تذييله بقوله :( والله عليم بذات الصدور ( ولم يذكر أنه عليم بأعمال الجوارح، ولأن الخطاب للمشركين في مكة على الراجح. وذلك قبل ظهور المنافقين فلم يكن قوله :( ويعلم ما تسرون وما تعلنون ( تهديداً على ما يبطنه الناس من الكفر.


الصفحة التالية
Icon