" صفحة رقم ٢٩٧ "
قد عذت بمعاذ ألحقي بأهلك ) وأمَرَ أبا أُسيد الساعدي أن يكسوها ثوبين وأن يلحقها بأهلها، ولعلها أرادت إظهار شرفها والتظاهر بأنها لا ترغب في الرجال وهو خُلق شائع في النساء.
والأشبه أن هذا طلاق وأنه كان على سبب سؤالها فهو مثل التخيير الذي قال الله تعالى فيه :( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا في سورة الأحزاب. فلا يعارض ذلك قوله : أبغض الحلال إلى الله الطلاق. إذ يكون قوله ذلك مخصوصاً بالطلاق الذي يأتيه الزوج بداع من تلقاء نفسه لأن علة الكراهية هي ما يخلفه الطلاق من بغضاء المطلقة من يطلقها فلا يصدر من النبي ابتداء تجنباً من أن تبغضه المطلقة فيكون ذلك وَبَالاً عليها، فأما إذا سألته فقد انتفت الذريعة التي يجب سدها.
وعُلم من قوله تعالى : لعدتهن ( أنهن النساء المدخول بهن لأن غير المدخول بهن لا عدة لهن إجماعاً بنص آية الأحزاب.
وهذه الآية حجة لمالك والشافعي والجمهور أن العدة بالأطهار لا بالحِيَض فإن الآية دلت على أن يكون إيقاع الطلاق عند مبدإ الاعتداد فلو كان مبدأ الاعتداد هو الحيض لكانت الآية أمراً بإيقاع الطلاق في الحيض ولا خلاف في أن ذلك منهي عنه لحديث عمر في قضية طلاق ابنه عبد الله بن عمر زوجه وهي حائض. واتفق أهل العلم على الأخذ به فكيف يخالف مخالف في معنى القرء خلافاً يفضي إلى إبطال حكم القضية في ابن عمر وقد كانت العدة مشروعة من قبل بآية سورة البقرة وآيات الأحزاب فلذلك كان نوط إيقاع الطلاق بالحال التي تكون بها العدة إحالة على أمر معلوم لهم.
وحكمة العدة تقدم بيانها.
الإِحصاء : معرفة العدِّ وضبطه. وهو مشتق من الحصى وهي صغار الحجارة لأنهم كانوا إذا كثرت أعداد شيء جعلوا لكل معدود حصاةً ثم عدوا ذلك الحصى، قال تعالى :( وأحصى كل شيء عدداً ( ( الجن : ٢٨ ).


الصفحة التالية
Icon