" صفحة رقم ٣١٤ "
فهذا الاستئناف البياني وقع عقب الوعد تذكيراً بأن الله علم مواعيده وهيأ لها مقادير حصولها لأنه جعل لكل شيء قدراً.
ولها موقع التعليل لجملة ) وأحصوا العدة ( ( الطلاق : ١ ) فإن العِدة من الأشياء فلما أمر الله بإحصاء أمرها عَلّل ذلك بأن تقدير مدة العدة جعله الله، فلا يسوغ التهاون فيه.
ولهذا موقع التذييل لجملة ) وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ( ( الطلاق : ١ )، أي الذي وضع تلك الحدود قد جعل لكل شيء قدراً لا يعدوه كما جعل الحدود.
ولها موقع التعليل لجملة ) فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف (، لأن المعنى إذا بلغن القَدْر الذي جعله الله لمدة العدة فقد حصل المقصد الشرعي الذي أشار إليه قوله تعالى :( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ( ( الطلاق : ١ ) فالمعنى : فإن لم يُحدث الله أمر المراجعة فقد رفق بكم وحطّ عنكم امتداد العدة.
ولها موقع التعليل لجملة ) وأقيموا الشهادة لله ( فإن الله جعل الشهادة قدراً لرفع النزاع.
فهذه الجملة جُزء آية وهي تحتوي على حقائق من الحكمة.
ومعنى ) لكل شيء ( لكل موجود، أي لكل حادث فالشيء الموجود سواء كان ذاتاً أو معنى من المعاني قال تعالى :( وكل شيء فعلوه في الزبر ( ( القمر : ٥٢ ). فعموم قوله :( لكل شيء ( صريح في أن ما وعد الله به يَجعل له حين تكوينه قَدْراً.
قال الراغب في ( مفرداته ) : وذلك أن فعل الله ضربان : ضرب أوجده بالفعل، ومعنى إيجاده بالفعل أنه أبدعه كاملاً دفعة لا تعتريه الزيادة والنقصان إلى أن يشاء أن يغنيه أو يبدله كالسماوات وما فيها. ومنها ما جعل أصوله موجودة بالفعل وأجزاءَه بالصلاحية وقدَّره على وجه لا يتأتى منه غير ما قدره فيه كتقديره في النواة أن ينبت منها النخل دون أن ينبت منها تفاح أو زيتون. وتقديره نطفة الإِنسان لأن يكون منها إنسان دون حيوان آخر. فتقدير الله على وجهين : أحدهما بالحُكم


الصفحة التالية
Icon