" صفحة رقم ٣٢٢ "
فذهب الجمهور إلى ترجيح عموم ) وأولات الأحمال ( على عموم ) ويذرون أزواجاً ( ( البقرة : ٢٣٤ ) من وجوه.
أحدها : أن عموم ) وأولات الأحمال ( حاصل بذات اللفظ لأن الموصول مع صلته من صيغ العموم، وأما قوله :( ويذرون أزواجاً ( فإن ) أزواجاً ( نكرة في سياق الإِثبات فلا عموم لها في لفظها وإنما عرض لها العموم تبعاً لعموم الموصول العامل فيها وما كان عمومه بالذات أرجح مما كان عمومه بالعرض.
وثانيها : أن الحكم في عموم ) وأولات الأحمال ( علق بمدلول صلة الموصول وهي مشتق، وتعليق الحكم بالمشتق يؤذن بتعليل ما اشتق منه بخلاف العموم الذي في سورة البقرة، فما كان عمومه معلَّلاً بالوصف أرجح في العمل مما عمومه غير معلل.
وثالثها : قضاء رسول الله ( ﷺ ) في عدّة سُبَيْعة الأسلمية.
وذهب الحنفية إلى أن عموم ) وأولات الأحمال ( ناسخ لعموم قوله :( ويذرون أزواجاً ( ( البقرة : ٢٣٤ ) في مقدار ما تعارضا فيه.
ومآل الرأيين واحد هو أن عدة الحامل وضعُ حملها سواء كانت معتدة من طلاق أم من وفاة زوجها.
والصحيح أن آية البقرة لم يرتفع حكمها وشذ القائلون بأن المتوفّى عنها إن لم تكن حاملاً ووضعت حملها يجب عليها عدة أربعة أشهر وعشر.
وقال قليل من أهل العلم بالجمع بين الآيتين بما يحقق العمل بهما معاً فأوجبوا على الحامل المتوفّى عنها زوجها الاعتداد بالأقصى من الأجلين أجل الأربعة الأشهر والعشر. وأجل وضع الحمل، وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس. وقصدهم من ذلك الاحتياط لأنه قد تأتَّى لهم هنا إذ كان التعارض في مقدار زمنين فأمكن العمل بأوسعهما الذي يتحقق فيه الآخَر وزيادة فيصير معنى هذه الآية ) أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ( ما لم تكن عدة وفاة ويكون معنى آية سورة البقرة وأزواج المتوفَّيْن يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ما لم تكنَّ حوامل فيزدْن تربّصاً إلى وضع الحمل. ولا يجوز تخصيص عموم ) والذين


الصفحة التالية
Icon