" صفحة رقم ٣٢٩ "
الآية مخصصة لقوله في سورة البقرة ) والوالدات يرضعن أولادهن الآية.
وأفهم قوله : لكم ( أن إرضاع الولد بعد الفراق حق على الأب وحده لأنه كالإِنفاق والأُم ترضع ولدها في العصمة تبعاً لإِنفاق أبيه عليها عند مالك خلافاً لأبي حنيفة والشافعي، إذ قالا : لا يجب الإِرضاع على الأم حتى في العصمة فلما انقطع إنفاق الأب عليها بالبينونة تمحضت إقامة غذاء ابنه عليه فإن أرادت أن ترضعه فهي أحق بذلك، ولها أجل الإِرضاع وإن أبت فعليه أن يطلب ظئراً لابنه فإن كان الطفلُ غير قابل ثديَ غير أمه وجب عليها إرضاعه ووجب على أبيه دفع أجرة رضاعه.
وقال أبو ثور : يجب إرضاع الابن على أمه ولو بعدَ البينونة. نقله عند أبُو بكر ابن العربي في ( الأحكام ) وهو عجيب. وهذه الآية أمامه.
والائتمار : التشاور والتداول في النظر. وأصله مطاوع أمره لأن المتشاورين يأمر أحدهما الآخر فيأتمر الآخر بما أمره. ومنه تسمية مجامع أصحاب الدعوة أو النحلة أو القصد الموحّد مؤتمراً لأنه يقع الاستئمار فيه، أي التشاور وتداول الآراء.
وقوله :( وأتمروا بينكم ( خطاب للرجال والنساء الواقع بينهم الطلاق ليتشاوروا في أمر إرضاع الأمّ ولدها. وما يبذله الأب لها من الأجرة على ذلك.
وقيدَ الائتمارُ بالمعروف، أي ائتماراً ملابساً لما هو المعروف في مثل حالهم وقومهم، أي معتاد مقبول، فلا يشتَطّ الأب في الشحّ ولا تشتط الأم في الحرص.
وقوله :( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ( عتاب وموعظة للأب والأمّ بأن ينزّل كل منهما نفسه منزلة ما لو اجتُلبت للطفل ظِئر، فلا تسأل الأمُّ أكثر من أجر أمثالها، ولا يشحّ الأب عما يبلغ أجرَ أمثال أمّ الطفل، ولا يسقط حق الأمّ إذا وجد الأب من يرضع له مجاناً لأن الله قال :( فسترضع له أخرى ( وإنما يقال : أرضعت له، إذا استؤجرت لذلك، كما يقال : استرضَع أيضاً، إذا آجر من يرضع له ولده. وتقدم في سورة البقرة قوله تعالى :( وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم الآية.


الصفحة التالية
Icon