" صفحة رقم ٣٣٢ "
الإِنفاق قادراً على الاكتساب لِينفق من يجب عليه إنفاقه أو ليكمِّل له ما ضاق عنه ماله، يجبر على الاكتساب. وأما من لا قدرة له على الاكتساب وليس له ما ينفق منه فنفقته أو نفقة من يجب عليه إنفاقُه على مراتبها تكون على بيت مال المسلمين. وقد قال عمر بن الخطاب :( وأن رب الصريمة ورب الغُنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببينة يقول يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أينا )، رواه مالك في ( الموطأ ).
وفي عجز الزوج عن إنفاق زوجه إذا طلبت الفراق لعدم النفقة خلاف. فمن الفقهاء من رأى ذلك موجباً بينهما بعد أجللِ رجاء يسر الزوج وقُدر بشهرين، وهو قول مالك. ومنهم من لم ير التفريق بين الزوجين بذلك وهو قول أبي حنيفة، أي وتنفَق من بيت مال المسلمين.
والذي يقتضيه النظر أنه إن كان بيت المال قائماً فإن من واجبه نفقة الزوجين المعسرين وإن لم يُتوصل إلى الإِنفاق من بيت المال كان حقاً أن يفرِّق القاضي بينهما ولا يترك المرأة وزوْجها في احتياج. ومحل بسط ذلك في مسائل الفقه.
وجملة ) سيجعل الله بعد عسر يسراً ( تكملة للتذييل فإن قوله :( لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ( يناسب مضمون جملة ) لينفق ذو سعة من سعته ).
وقوله :( سيجعل الله ( الخ تُناسب مضمون ) ومن قدر عليه رزقه ( الخ. وهذا الكلام خبر مستعمل في بعث الترجّي وطرح اليأس عن المعسر من ذوي العيال. ومعناه : عسى أن يجعل الله بعد عُسركم يُسراً لكم فإن الله يجعل بعد عسر يسراً. وهذا الخبر لا يقتضي إلا أنّ من تصرفات الله أن يجعل بعد عسر قوم يسراً لهم، فمن كان في عسر رجَا أن يكون ممن يشمله فضل الله، فيبدل عسره باليسر.
وليس في هذا الخبر وعْد لكل معسر بأن يصير عُسره يُسراً. وقد يكون في المشاهدة ما يخالف ذلك فلا فائدة في التكلف بأن هذا وعد من الله للمسلمين الموحدين يومئذٍ بأن الله سيبدل عسرهم باليسر، أو وعد للمُنفقين الذين يمتثلون لأمر الله ولا يشحّون بشيء مما يسعه مالهم. وانظر قوله تعالى :( فإن مع العسر يسراً ( ( الشرح : ٥ ).


الصفحة التالية
Icon