" صفحة رقم ٣٤٤ "
ويدل قوله :( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ( ( التحريم : ٢ ) أنها نزلت بعد سورة المائدة كما سيأتي.
وسبب نزولها حادثتان حدثتا بين أزواج النبي ( ﷺ )
إحداهما : ما ثبت في ( الصحيح ) عن عائشة أن النبي ( ﷺ ) كان شرِب عسلاً عند إحدى نسائه اختلف في أنها زينب بنت جحش، أو حفصة، أو أم سلمة، أو سَودة بنت زمعة. والأصح أنها زينب. فعلمت بذلك عائشة فتواطأت هي وحفصة على أن أيَّتهما دخل عليها تقول له ( إني أجد منك ريح مغافير أَكَلْتَ مغافير ) ( والمغافير صمغ شجر العُرفط وله رائحة مختمرة ) وكان النبي ( ﷺ ) يكره أن توجد منه رائحة وإنما تواطأتا على ذلك غَيرة منهما أن يحتبس عند زينب زماناً يشرب فيه عسلاً. فدخل على حفصة فقالت له ذلك، فقال : بل شربتُ عسلاً عند فلانة ولن أعود له، أراد بذلك استرضاء حفصة في هذا الشأن وأوصاها أن لا تخبر بذلك عائشة ( لأنه يكره غضبها ) فأخبرت حفصة عائشة فنزلت الآيات.
هذا أصح ما روي في سبب نزول هذه الآيات. والتحريم هو قوله :( ولن أعود له ) ( لأن النبي ( ﷺ ) لا يقول إلا صدقاً وكانت سودة تقول : لقد حَرَمْنَاه ).
والثانية : ما رواه ابن القاسم في ( المدونة ) عن مالك عن زيد بن أسلم قال : حرّم رسول الله أم إبراهيم جاريته فقال :( والله لا أطؤك ) ثم قال :( هي عليّ حرام ) فأنزل الله تعالى :( يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك ( ( التحريم : ١ ).
وتفصيل هذا الخبر ما رواه الدارقطني ( عن ابن عباس عن عمر قال : دخل رسول الله ( ﷺ ) بأم ولده مارية في بيت حفصة فوجدتْه حفصة معها، وكانت حفصة غابت إلى بيت أبيها. فقالت حفصة : تُدخلها بيتي ما صنعتَ بي هذا من بين نسائك إلا من هَوانِي عليك. فقال لها : لا تذكري هذا لعائشة فهي عليّ حرام إن قربتُها. قيل : فقالت له حفصة : كيف تَحْرُم عليك وهي جاريتُك فحلف لها أن لا يقْربها فذكرته حفصة لعائشة فآلى أن لا يَدخل على نسائه شهراً


الصفحة التالية
Icon