" صفحة رقم ٣٤٧ "
يوجب قطعه من ضر أو مرض لأن تناوله شكرٌ لله واعترافٌ بنعمته والحاجة إليه.
وفي قوله :( تبتغي مرضات أزواجك ( عذر للنبي ( ﷺ ) فيما فعله من أنه أراد به خيراً وهو جلب رضا الأزواج لأنه أعون على معاشرته مع الإشعار بأن مثل هذه المرضاة لا يعبأ بها لأن الغيرة نشأت عن مجرد معاكسة بعضهن بعضاً وذلك مما يختل به حسن المعاشرة بينهن، فأنبأه الله أن هذا الاجتهاد معارَض بأن تحريم ما أحلّ الله له يفضي إلى قطع كثير من أسباب شكر الله عند تناول نعمه وأن ذلك ينبغي إبطاله في سيرة الأمة.
وذيل بجملة ) والله غفور رحيم ( استئناساً للنبيء ( ﷺ ) من وحشة هذا الملام، أي والله غفور رحيم لك مثل قوله :( عفا الله عنك لما أذنت لهم ( ( التوبة : ٤٣ ).
استئناف بياني بيّن الله به لنبيئه ( ﷺ ) أن له سعة في التحلل مما التزم تحريمه على نفسه، وذلك فيما شرع الله من كفارة اليمين فأفتاه الله بأن يأخذ برخصته في كفارة اليمين المشروعة للأمة كلها ومن آثار حكم هذه الآية ما قاله النبي ( ﷺ ) لوفد عبد القيس بعد أن استحملوه وحلف أن لا يحملهم إذ ليس عنده ما يحملهم عليه، فجاءه ذود من إبل الصدقة فقال لهم :( وإني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وفعلت الذي هو خير ).
وافتتاح الخبر بحرف التحقيق لتنزيل النبي ( ﷺ ) منزلة من لا يعلم أن الله فرض تَحِلَّة الأيمان بآية الكفارة بناء على أنه لم يأخذ بالرخصة تعظيماً للقَسَم. فأعلمه الله أن الأخذ بالكفارة لا تقصير عليه فيه فإن في الكفارة ما يكفي للوفاء بتعظيم اليمين بالله إلى شيء هذا قوله تعالى في قصة أيوب ) وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ( ( ص : ٤٤ ) كما ذكرناه في تفسيرها و ) فرض ( عيَّن ومنه قوله تعالى :( نصيباً مفروضاً ( ( النساء : ٧ ). وقال : فرض له في العطاء والمعنى : قد بيَّن الله لكن تحلة أيمانكم.
واعلم أنه إن كان النبي ( ﷺ ) لم يصدر منه في تلك الحادثة إلا أنه التزم أن لا


الصفحة التالية
Icon