" صفحة رقم ٣٥١ "
العشرون : ما في ذكر حفصة أو غيرها بعنوان ) بعض أزواجه ( دون تسميته من الاكتفاء في الملام بذكر ما تستشعِر به أنها المقصودة باللوم.
وإنما نبّأها النبي ( ﷺ ) بأنه علم إفشاءها الحديث بأمر من الله ليبني عليه الموعظة والتأديب فإن الله ما أطلعه على إفشائها إلا لغرض جليل.
والحديث هو ما حصل من اختلاء النبي ( ﷺ ) بجاريته مارية وما دار بينه وبين حفصة وقوله لحفصة :( هي عليّ حرام ولا تخبري عائشة ) وكانتا متصافيتين وأطلع الله نبيئه ( ﷺ ) على أن حفصة أخبرت عائشة بما أسرّ إليها.
والواو عاطفة قصة على قصة لأن قصة إفشاء حفصة السرّ غير قصة تحريم النبي ( ﷺ ) على نفسه بعض ما أحلّ له.
ولم يختلف أهل العلم في أن التي أسر إليها النبي ( ﷺ ) الحديث هي حفصة ويأتي أن التي نَبأتْها حفصة هي عائشة. وفي ( الصحيح ) عن ابن عباس قال : مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجاً فخرجت معه فلما رجع ببعض الطريق قلت : يا أمير المؤمنين مَن اللتان تظاهرتا على رسول الله من أزواجه ؟ فقال : تلك حفصة وعائشة وساق القصة بطولها.
وأصل إطلاق الحديث على الكلام مجاز لأنه مشتق من الحدثان فالذي حدث هو الفعل ونحوه ثم شاع حتى صار حقيقة في الخبر عنه وصار إطلاقه على الحادثة هو المجاز فانقلب حال وضعه واستعماله.
و ) أسر ( أخبر بما يراد كتمانه عن غير المخبر أو سأله عدم إفشاء شيء وقع بينهما وإن لم يكن إخباراً وذلك إذا كان الخبر أو الفعل يراد عدم فشوّه فيقوله صاحبه سرّاً والسرّ ضد الجهر، قال تعالى :( ويعلم ما تسرون وما تعلنون ( ( التغابن : ٤ ) فصار ) أسر ( يطلق بمعنى الوصاية بعدم الإِفشاء، أي عدم الإِظهار قال تعالى :( فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ( ( يوسف : ٧٧ ).
و ) أسر ( : فعل مشتق من السرّ فإن الهمزة فيه للجعل، أي جعله ذا سرّ، يقال : أسرّ في نفسه، إذا كتم سرّه. ويقال : أسرّ إليه، إذا حدثه بسرّ فكأنه


الصفحة التالية
Icon