" صفحة رقم ٣٥٨ "
وأصل تظّاهرا ( تتظاهرا فقلبت التاء ظاء لقرب مخرجيها وأدغمت في ظاء الكلمة وهي قراءة الجمهور. وقرأه عاصم وحمزة والكسائي ) تَظَاهرا ( بتخفيف الظاء على حذف إحدى التاءين للتخفيف.
) وصالحُ ( مفرد أريد به معنى الفريق الصالح أو الجنس الصالح من المؤمنين كقوله تعالى :( فمنهم مهتد ( ( الحديد : ٢٦ ). والمراد ب ) صالح المؤمنين ( المؤمنون الخالصون من النفاق والتردد.
وجملة ) فإن الله هو مولاه ( قائمة من مقام جواب الشرط معنى لأنها تفيد معنى يتولّى جزاءكما على المظاهرة عليه، لأن الله مولاه. وفي هذا الحذف مجال تذهب فيه نفس السامع كل مذهب من التهويل.
وضمير الفصل في قوله :( هو مولاه ( يفيد القصر على تقدير حصول الشرط، أي إن تظاهرتما متناصرتين عليه فإن الله هو ناصره لا أنتما، أي وبطل نصركما الذي هو واجبكما إذْ أخللتما به على هذا التقدير. وفي هذا تعريف بأن الله ناصر رسولَه ( ﷺ ) لئلا يقع أحد من بعد في محاولة التقصير من نصره.
فهذا المعنى العاشر من معاني الموعظة والتأديب التي في هذه الآيات.
وعطفُ ) وجبريل وصالح المؤمنين ( في هذا المعنى تنويه بشأن رسول الوحي من الملائكة وشأن المؤمنين الصالحين. وفيه تعريض بأنهما تكونان ( على تقدير حصول هذا الشرط ) من غير الصالحين.
وهذان التنويهان هما المعنيان الحادي عشر والثاني عشر من المعاني التي سبقت إشارتي إليها.
وقوله :( والملائكة بعد ذلك ظهير ( عطف جملةٍ على التي قبلها، والمقصود منه تعظيم هذا النصر بوفرة الناصرين تنويهاً بمحبة أهل السماء للنبيء ( ﷺ ) وحسننِ ذكره بينهم فإن ذلك مما يزيد نصر الله إياه شأناً.
وفي الحديث ( إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني قد أحببت فلاناً فأحِبَّه فيحبُّه جبريل ثم ينادي جبريلُ في أهل السماء إن الله قد أحب فلاناً فأحِبُّوه فيحبُّه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض ).


الصفحة التالية
Icon