" صفحة رقم ٣٦٠ "
ليس هذا مما يتعلق بالشرط في قوله :( وإن تظاهرا عليه ( ( التحريم : ٤ ) بل هو كلام مستأنف عدل به إلى تذكير جميع أزواجه بالحذر من أن يضيق صدره عن تحمل أمثال هذا الصنيع فيفارقهن لتقلع المتلبسة وتحذر غيرها من مثل فعلها.
فالجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً عقبت بها جملة ) إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ( ( التحريم : ٤ ) التي أفادت التحذير من عقاب في الآخرة إن لم تتوبا مما جرى منهما في شأن رسول الله ( ﷺ ) أفاد هذا الإِيماء إلى التحذير من عقوبة دنيوية لهن يأمر الله فيها نبيئه ( ﷺ ) وهي عقوبة الطلاق عليه ما يحصل من المؤاخذة في الآخرة إن لم تتوبا، ولذلك فصلت عن التي قبلها لاختلاف الغرضين.
وفي قوله :( عسى ربه إن طلقكن ( إيجاز بحذف ما يترتب عليه إبدالهن من تقدير إن فارقكن. فالتقدير : عسى أن يطلقكن هو ( وإنما يطلق بإذن ربه ) أن يُبدله ربُّه بأزواج خيرٍ منكن.
وفي هذا ما يشير إلى المعْنى الرابع عشر والخامس عشر من معاني الموعظة والإِرشاد التي ذكرناها آنفاً.
و ) عسى ( هنا مستعملة في التحقيق وإيثارها هنا لأن هذا التبديل مجرد فرض وليس بالواقع لأنهن لا يظن بهن عدم الارعواء عما حذرن منه، وفي قوله :( خيراً منكن ( تذكير لهن بأنهن ما اكتسبن التفضيل على النساء إلا من فضل زوجهن عند الله وإجراء الأوصاف المفصلة بعد الوصف المجمل وهو ) خيراً منكن ( للتنبيه على أن أصول التفضيل موجودة فيهن فيكمل اللاء يتزوجهن النبي ( ﷺ ) فضل على بقية النساء بأنهن صرن أزواجاً للنبيء ( ﷺ )
وهذه الآية إلى قوله :( خيراً منكن ( نزلت موافِقة لقول عمر لابنته حفصة رضي الله عنهما مثل هذا اللفظ وهذا من القرآن الذي نزل وفاقاً لقول عمر أو رأيه تنويهاً بفضله. وقد وردت في حديث في ( الصحيحين ) واللفظ للبخاري ( عن عمر قال : وافقت ربي في ثلاث : قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلّى، فنزلت ) واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ( ( البقرة : ١٢٥ )، وقلت :( يدخلُ عليك البرّ والفاجر فلو أمرت أمهاتتِ المؤمنين بالحجاب ) فأنزل الله آية الحجاب. وبلغنِي معاتبة النبي بعضَ نسائه فدخلت عليهن فقلت : إن انتهيتن أو ليبدلَنَّ الله


الصفحة التالية
Icon