" صفحة رقم ٣٦٣ "
النيسابوري المفسر والقاضي الفاضل. أنهم استخرجوا من القرآن أن ما فيه معنى عدد ثمانية تدخل عليه واو ويظهر من الأمثلة التي مثلوا بها أنهم يعتبرون ما دل على أمر معدود بعدد كما فيه سواء كان وصفاً مشتقاً من عدد ثمانية أو كان ذاتاً ثامنة أو كان يشتمل على ثمانية سواء كان ذلك مفرداً أو كان جملة. فقد مثلوا بقوله تعالى في سورة براءة :( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر. قالوا لم يعطف الصفات المسرودة بالواو إلا عند البلوغ إلى الصفة الثامنة وهي الناهون عن المنكر ). وجعلوا من هذا القبيل آية سورة التحريم إذ لم يعطف من الصفات المبدوءة بقوله :( مسلمات ( إلا الثامنة وهي ) وأبكاراً ( ومثلوا لما وصف فيه بوصف ثامن بقوله تعالى :( ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم في سورة الكهف. فلم يعطف رابعهم ( ولا ) سادسهم ( وعطفت الجملة التي وقع فيها وصف الثامن بواو عطف الجمل. ومثلوا لما فيه كلمة ثمانية بقوله تعالى :( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً في سورة الحاقة. ومثلوا لما يشتمل على ثمانية أسماء بقوله تعالى في سورة الزمر : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها قالوا جاءت جملة وفتحت ( هذه بالواو ولم تجىء أختها المذكورة قبلها وهي ) وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ( الزمر : ٧١ ). لأن أبواب الجنة ثمانية.
وترددت كلماتهم في أن هذه الواو من صنف الواو العاطفة يمتاز عن الصنف الآخر يلزم ذكره إذا كان في المعطوف معنى الثامن أو من صنف الواو الزائدة.
وذكر الدمَاميني في الحواشي ( الهندية على ( المغني ) أنه رأى في ( تفسير العماد الكندي ) قاضي الإِسكندرية ( المتوفى في نحو عشرين وسبعمائة ) نسبة القول بإثبات واو الثمانية إلى عبد الله الكفيف المالقي النحوي الغرناطي من علماء غرناطة في مدة الأمير ابن حَبوس ( بموحدة بعد الحاء المهملة ) هو باديس بن حبوس صاحب غرناطة سنة ٤٢٠.
وذكر السهيلي في ( الروض الأنف ) عند الكلام على نزول سورة الكهف أنه أفرد الكلام على الواو التي يسميها بعض الناس واو الثمانية باباً طويلاً ولم يبد رأيه في إثباتها ولم أقف على الموضع الذي أفرد فيه الكلام عليها. ويظهر أنه غير موافق على


الصفحة التالية
Icon