" صفحة رقم ٣٦٧ "
الناس والحجارة أعدت للكافرين ( ( البقرة : ٢٤ )، وإلاّ فإن سياق الآية تحذير للمؤمنين من الموبقات في النار.
ومعنى ) ما كنتم تعملون ( مماثل ) ما كنتم تعملون (، وأفادت ) إنما ( قصرَ الجزاء على مماثلة العمل المجزى عليه قصرَ قلب لتنزيلهم منزلة من اعتذر وطلب أن يكون جزاؤه أهون مما شاهده.
والاعتذار : افتعال مشتق من العُذر. ومادة الافتعال فيه دالة على تكلف الفعل مثل الاكتساب والاختلاق، والعذر : الحجة التي تُبرىء صاحبها من تِبعة عمل مّا. وليس لمادة الاعتذار فعل مجرد دال على إيجاد العذر وإنما الموجود عَذَر بمعنى قِبل العُذر، وقد تقدم عند قوله تعالى :( وجاء المعذرون من الأعراب في سورة براءة.
أعيد خطاب المؤمنين وأعيد نداؤهم وهو نداء ثالث في هذه السورة. والذي قبله نداء للواعظين. وهذا نداء للموعوظين وهذا الأسلوب من أساليب الإِعراض المهتم بها.
أُمر المؤمنون بالتوبة من الذنوب إذا تلبسوا بها لأن ذلك من إصلاح أنفسهم بعد أن أمروا بأن يجنِّبوا أنفسهم وأهليهم ما يَزِجّ بهم في عذاب النار، لأن اتقاء النار يتحقق باجتناب ما يرمي بهم فيها، وقد يذهلون عما فرط من سيئاتهم فهُدُوا إلى سبيل التوبة التي يمحون بها ما فرط من سيئاتهم.
وهذا ناظر إلى ما ذكر من موعظة امرأتي النبي ( ﷺ ) بقوله :( إن تتوبا إلى الله ( ( التحريم : ٤ ).
والتوبة : العزم على عدم العود إلى العصيان مع الندم على ما فرط منه فيما مضى. وتقدمت عند قوله تعالى :( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه في


الصفحة التالية
Icon