" صفحة رقم ٦٧ "
فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ( ( البقرة : ٨٩ ) إلى قوله :( عذاب مهين في سورة البقرة.
وعليه فحرف من ( في قوله :( من أهل الكتاب ( بيانية لأن المراد بأهل الكتاب هنا خصوص اليهود أي الذين كفروا برسالة محمد ( ﷺ ) وهم أهل الكتاب وأراد بهم اليهود، فوصفوا ب ) من أهل الكتاب ( لئلا يظن أن المراد ب ) الذين كفروا ( المشركون بمكة أو بقية المشركين بالمدينة فيُظنّ أن الكلام وعيد.
وتفصيل القصة التي أشارت إليها الآية على ما ذكره جمهور أهل التفسير. أن بني النضير لما هاجر المسلمون إلى المدينة جاؤوا فصالحوا النبي ( ﷺ ) على أن لا يكونوا عليه ولا له، ويقال : إن مصالحتهم كانت عقبَ وقعة بَدر لمَّا غلَب المسلمون المشركين لأنهم توسّموا أنه لا تهزم لهم راية، فلما غُلب المسلمون يوم أُحد نكثوا عهدهم وراموا مصالحة المشركين بمكة، إذ كانوا قد قعدوا عن نصرتهم يوم بدر ( كدأب اليهود في موالاة القوي ) فخرج كعب بن الأشرف وهو سيد بني النضير في أربعين راكباً إلى مكة فحَالفوا المشركين عند الكعبة على أن يكونوا عوناً لهم على مقاتلة المسلمين، فلما أُوحي إلى رسول الله ( ﷺ ) بذلك أمرَ محمدَ بن مسلمة أن يقتل كعب بن الأشرف فقتله غيلة في حصنه في قصة مذكورة في كتب السنة والسير.
وذكر ابن إسحاق سبباً آخر وهو أنه لما انقضت وقعة بئر معونة في صفر سنة أربع كان عَمرو بن أمية الضَّمْري أسيراً عند المشركين فأطلقه عامر بن الطفيل. فلما كان راجعاً إلى المدينة أقبل رجلان من بني عامر وكان لقومهما عقد مع رسول الله ( ﷺ ) ونزلا مع عمرو بن أمية، فلما ناما عدا عليهما فقتلهما وهو يحسب أنه يثأر بهما من بني عامر الذين قتلوا أصحاب رسول الله ( ﷺ ) ببئر معونة، ولما قدم عمرو بن أمية أخبر رسولَ الله ( ﷺ ) بما فعل فقال له رسول الله ( ﷺ ) ( لقد قتلت قتيلين ولآدِيَنَّهُمَا )، وخرج رسول الله ( ﷺ ) إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين إذ كان بين بني النضير وبين بني عامر حِلف، وأضمر بنو النضير الغدر برسول الله ( ﷺ ) وأطلعه الله عليه فأمر رسول الله ( ﷺ ) المسلمين بالتهيّؤ لحربهم.


الصفحة التالية
Icon