" صفحة رقم ٧٣ "
جملة معترضة ناشئة عن جملة ) هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب ( ( الحشر : ٢ ). فالواو اعتراضية، أي أخرجهم الله من قريتهم عقاباً لهم على كفرهم وتكذيبهم للرسول ( ﷺ ) كما قال :( ذلك بأنهم شاقّوا الله ورسوله ( ( الحشر : ٤ ) ولو لم يعاقبهم الله بالجلاء لعاقبهم بالقَتل والأسر لأنهم استحقّوا العقاب. فلو لم يقذف في قلوبهم الرعب حتى استسلموا لعاقبهم بجوع الحصار وفتح ديارهم عنوة فعذبوا قتلاً وأسراً.
والمراد بالتعذيب : الألم المحسوس بالأبدان بالقتل والجرح والأسر والإِهانة وإلاّ فإن الإِخراج من الديار نكبة ومصيبة لكنها لا تدرك بالحس وإنما تدرك بالوجدان.
و ) لولا ( حرف امتناع لوجود، تفيد امتناع جوابها لأجل وجود شرطها، أي وجود تقدير الله جلاءهم سبب لانتفاء تعذيب الله إياهم في الدنيا بعذاب آخر.
وإنما قدر الله لهم الجلاء دون التعذيب في الدنيا لمصلحة اقتضتها حكمته، وهي أن يأخذ المسلمون أرضهم وديارهم وحوائطهم دون إتلاف من نفوس المسلمين مما لا يخلو منه القتال لأن الله أراد استبقاء قوة المسلمين لما يستقبل من الفتوح، فليس تقدير الجلاء لهم لقصد اللطف بهم وكرامتهم وإن كانوا قد آثروه على الحرب.
ومعنى ) كتب الله عليهم ( قَدّر لهم تقديراً كالكتابة في تحقق مضمونه وكان مظهر هذا التقدير الإِلهي ما تلاحق بهم من النكبات من جلاء النضير ثم فتح قريظة ثم فتح خيبر.
والجلاء : الخروج من الوطن بنية عدم العود، قال زهير :
فإن الحق مقطعه ثلاث
يمين أو نفارٌ أو جَلاء
وأعلم أن ) أنْ ( الواقعة بعد ) لولا ( هنا مصدريةٌ لأن ) أَنْ ( الساكنة النون إذا لم


الصفحة التالية
Icon