" صفحة رقم ٨٠ "
وعموم ) من يشاء ( لشمول أنه يسلط رسله على مقاتلين ويسلطهم على غير المقاتلين.
والمعنى : وما أفاء الله على رسوله ( ﷺ ) إنما هو بتسليط الله رسوله ( ﷺ ) عليهم، وإلقاء الرعب في قلوبهم والله يسلط رسله على من يشاء. فأغنى التذييل عن المحذوف، أي فلا حقّ لكم فيه فيكون من مال الله يتصرّف فيه رسوله ( ﷺ ) وولاة الأمور من بعده.
فتكون الآية تبييناً لما وقع في قسمة فيء بني النضير. ذلك أن رسول الله ( ﷺ ) لم يقسمه على جميع الغُزاة ولكن قسمه على المهاجرين سواء كانوا مِمَّن غزوا معهُ أم لم يغزوا إذ لم يكن للمهاجرين أموالٌ. فأراد أن يكفيهم ويكفي الأنصار ما مَنحوه المهاجرين من النخيل. ولم يعط منه الأنصار إلا ثلاثة لشدة حاجتهم وهم أبو دَجانة ( سِماك بن خزينة )، وسَهلُ بن حنيف، والحارث بن الصِّمَّة. وأعطى سعد بنَ معاذ سيفَ أبي الحُقيق، وكل ذلك تصرّف باجتهاد الرسول ( ﷺ ) لأن الله جعل تلك الأموال له.
فإن كانت الآية نزلت بعد أن قسمت أموال النضير كانت بياناً بأن ما فعله الرسول ( ﷺ ) حقٌّ، أمره الله به، أو جعله إليه، وإن كانت نزلت قبل القسمة، إذ روي أن سبب نزولها أن الجيش سألوا رسول الله ( ﷺ ) تخميس أموال بني النضير مثل غنائم بدر فنزلت هذه الآية، كانت الآية تشريعاً لاستحقاق هذه الأموال.
قال أبو بكر ابن العربي :( لا خلاف بين العلماء أن الآية الأولى خاصة لرسول الله ( ﷺ ) أي هذه الآية الأولى من الآيتين المذكورتين في هذه السورة خاصة بأموال بني النضير، وعلى أنها خاصة لرسول الله ( ﷺ ) يضعها حيث يشاء. وبذلك قال عمر بن الخطاب بمحضر عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد، وهو قول مالك فيما روَى عنه ابن القاسم وابن وهب. قال : كانت أموال بني النضير صافية لرسول الله ( ﷺ ) واتفقوا على أن النبي ( ﷺ ) لم يخمسها. واختُلف في القياس عليها كل مال لم يوجف عليه. قال ابن عطية :