" صفحة رقم ٨٣ "
النازلون بالبوادي فلا يُغلبون إلا بعد إيجاف وقتال فليس لقيد ) من أهل القرى ( مفهوم عندنا، وقد اختلف الفقهاء في حكم الفيء الذي يحصل للمسلمين بدون إيجاف. فمذهب مالك أنه لا يخمَّس وإنما تخمس الغنائم وهي ما غنمه المسلمون بإيجاف وقتال.
وذهب أبو حنيفة إلى التفصيل بين الأموال غير الأرضين وبين الأرضين. فأما غير الأرضين فهو مخمّس، وأما الأرضون فالخيار فيها للإِمام بما يراه أصلح إن شاء قسّمها وخمس أهلها فهم أرقاء، وإن شاء تركها على ملك أهلها وجعل خراجاً عليها وعلى أنفسهم.
وذهب الشافعي إلى أن جميع أموال الحرب مخمّسة وحمل حكم هاته الآية على حكم آية سورة الأنفال بالتخصيص أو بالنسخ.
وذهب أبو حنيفة إلى التفصيل بين الأموال غير الأرضين وبين الأرضين. فأما غير الأرضين فهو مخمّس، وأما الأرضون فالتفويض فيها للإِمام بما يراه أصلح إن شاء قسّمها وخمس أهلها فهم أرقاء، وإن شاء أقرّ أهلها بها وجعل خراجاً عليها وعلى أنفسهم.
وهذه الآية اقتضت أن صنفاً مما أفاء الله على المسلمين لم يجعل الله فيه نصيباً للغزاة وبذلك تحصل معارضة بين مقتضاها وبين قصر آية الأنفال التي لم تجعل لمن ذكروا في هذه الآية إلا الخمس، فقال جمع من العلماء : إن آية الأنفال نسخت حكم هذه الآية. وقال جمع : هذه الآية نسخت آيةَ الأنفال. وقال قتادة : كانت الغنائم في صدر الإِسلام لهؤلاء الأصناف الخمسة ثم نسخ ذلك بآية الأنفال، وبذلك قال زيد بن رومان : قال القرطبي ونحوه عن مالك ا هـ. على أن سورة الأنفال سابقة في النزول على سورة الحشر لأن الأنفال نزلت في غنائم بدر وسورة الحشر نزلت بعدها بسنتين.
إلا أن يقول قائل : إن آية الأنفال نزلت بعد آية الحشر تجديداً لما شرعه الله من التخميس في غنائم بدر، أي فتكون آية الحشر ناسخة لما فعله رسول الله ( ﷺ ) في قسمة مغانم بدر، ثم نسخت آية الأنفال آية الحشر. فيكون إلحاقها بسورة الأنفال بتوقيف من النبي ( ﷺ ) وقال القرطبي : قيل إن سورة الحشر


الصفحة التالية
Icon