" صفحة رقم ٨٧ "
وقرينة ذلك مقابلته بقوله تعالى :( وما نهاكم عنه فانتهوا ( وهو تتميم لنوعي التشريع. وهذه الآية جامعة للأمر باتباع ما يصدر من النبي ( ﷺ ) من قول وفعل فيندرج فيها جميع أدلة السنة. وفي ( الصحيحين ) عن ابن مسعود : أنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( لعن الله الواشمات والمستوشمات ).. الحديث. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها : أم يعقوب فجاءته فقالت : بلغني أنك لعنت كيت وكيت فقال لها : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ( ﷺ ) وهو في كتاب الله ؟ فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأتِ :( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ).
وعطف على هذا الأمر تحذير من المخالفة فأمرهم بتقوى الله فيما أمر به على لسان رسوله ( ﷺ ) وعطف الأمر بالتقوى على الأمر بالأخذ بالأوامر وترك المنهيات يدل على أن التقوى هي امتثال الأمر واجتناب النهي.
والمعنى : واتقوا عقاب الله لأن الله شديد العقاب، أي لمن خالف أمره واقتحم نهيه.
بدل مما يصلح أن يكون بدلاً منه من أسماء الأصناف المتقدمة التي دخلت عليها اللام مباشرة وعطفاً قوله :( ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ( ( الحشر : ٧ ) بدل بعض من كل.
وأول فائدة في هذا البدل التنبيه على أن ما أفاء الله على المسلمين من أهل القرى المعْنية في الآية لا يجري قسمه على ما جرى عليه قسم أموال بني النضير التي اقتُصر في قسمها على المهاجرين وثلاثة من الأنصار ورابع منهم، فكأنه قيل : ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل لِلفقراء منهم لا مطلقاً، يدخل في ذلك المهاجرون والأنصار والذين آمنوا بعدهم.