" صفحة رقم ٩٠ "
والذين تبوّؤا الدار هم الأنصار.
والدّار تطلق على البلاد، وأصلُها مَوضع القبيلة من الأرض. وأطلقت على القرية قال تعالى في ذكر ثمود ) فأصبحوا في دَارهم جاثمين ( ( الأعراف : ٧٨ )، أي في مدينتهم وهي حجر ثمود.
والتعريف هنا للعهد لأن المراد بالدار : يثرب، والمعنى الذين هم أصحاب الدار. هذا توطئة لقوله :( يحبون من هاجر إليهم ).
والتبوُّء : اتخاذ المباءة وهي البُقعة التي يَبوء إليها صاحبها، أي يرجع إليها بعد انتشاره في أعماله. وفي موقع قوله :( والإيمان ( غموض إذ لا يصح أن يكون مفعولاً لفعل تبوَّءوا، فتأوله المفسرون على وجهين : أحدهما أن يجعل الكلام استعارة مكنية بتشبيه الإِيمان بالمَنْزل وجعْل إثبات التَّبَوُّءِ تخييلاً فيكون فعل تبوأوا مستعملاً في حقيقته ومجازه.
وجمهور المفسرين جعلوا المعطوف عاملاً مقدراً يدلّ عليه الكلام، تقديره : وأخلصوا الإِيمان على نحو قول الراجز الذي لا يعرف :
علفتها تبناً وماءً بارداً
وقول عبد الله بن الزِّبَعْرَى :
يا ليت زوجَككِ قد غدا
متقلداً سيفاً ورمحاً
أي وممسكاً رمحاً وهو الذي درج عليه في ( الكشاف ). وقيل الواو للمعية. و ) الإِيمانَ ( مفعول معه.


الصفحة التالية
Icon