" صفحة رقم ٩٤ "
وذكرت قصص من هذا القبيل في التفاسير، قيل : نزلت هذه الآية في قصة أبي طلحة وقيل غير ذلك.
وجملة ) ولو كان بهم خصاصة ( في موضع الحال.
و ) لو ( وصلية وهي التي تدل على مجرد تعليق جوابها بشرط يفيد حالة لا يُظنّ حصول الجواب عند حصولها. والتقدير : لو كان بهم خصاصة لآثروا على أنفسهم فيُعلم أن إيثارهم في الأحوال التي دون ذلك بالأحرى دون إفادة الامتناع. وقد بينا ذلك عند قوله تعالى :( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به في سورة آل عمران.
والخصاصة : شدة الاحتياج.
وتذكير فعل كان ( لأجل كون تأنيث الخصاصة ليس حقيقياً، ولأنه فُصل بين ) كان ( واسمها بالمجرور. والباء للملابسة.
وجملة ) ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ( تذييل، والواو اعتراضية، فإن التذييل من قبيل الاعتراض في آخر الكلام على الرأي الصحيح. وتذييل الكلام بذكر فضل من يوقون شح أنفسهم بعد قوله :( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ( يشير إلى أن إيثارهم على أنفسهم حتى في حالة الخصاصة هو سلامة من شح الأنفس فكأنه قيل لسلامتهم من شح الأنفس ) ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ).
والشح بضم الشين وكسرها : غريزة في النفس بمَنْع ما هو لها، وهو قريب من معنى البخل. وقال الطيبي : الفرق بين الشح والبخل عسير جداً وقد أشار في ( الكشاف ) إلى الفرق بينهما بما يقتضي أن البخل أثر الشح وهو أن يمنع أحد ما يراد منه بَذْلُه وقد قال تعالى :( وأحضرت الأنفس الشح ( ( النساء : ١٢٨ ) أي جعل الشح حاضراً معها لا يفارقها، وأضيف في هذه الآية إلى النفس لذلك فهو غريزة لا تسلم منها نفس.
وفي الحديث في بيان أفضل الصدقة ( أن تصَّدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمُل الغِنى ) ولكن النفوس تتفاوت في هذا المقدار فإذا غلب


الصفحة التالية
Icon