" صفحة رقم ١٠٣ "
والمَغْرَمُ : ما يفرض على المرء أداؤه من ماله لغيرِ عِوض ولا جناية.
والمُثْقَل : الذي حُمل عليه شيء ثقيل، وهو هنا مجاز في الإِشفاق.
والفاء للتفريع والتسبب، أي فيتسبب على ذلك أنك شققت عليهم فيكون ذلك اعتذاراً منهم عن عدم قبول ما تدعوهم إليه.
و ) مِن مغرم ( متعلق ب ) مثقلون، ( و ) من ( ابتدائية، وهو ابتداء مجازي بمعنى التعليل، وتقديم المعمول على عامله للاهتمام بموجب المشقة قبل ذكرها مع الرعاية على الفاصلة.
إضراب آخر انتقل به من مدارج إبطال مَعاذيرَ مفروضةٍ لهم أن يتمسكوا ببعضها تعلةً لإِعراضهم عن قبول دعوة القرآن، قطعاً لما عسى أن ينتحلوه من المعاذير على طريقة الاستقراء ومنع الخلو.
وقد جاءَت الإِبطالات السالفة متعلقة بما يفرض لهم من المعاذير التي هي من قبيل مستندات من المشاهدات، وانتُقل الآن إلى إبطال من نوع آخر، وهو إبطال حجة مفروضة يستندون فيها إلى علم شيء من المعلومات المغيبات عن الناس. وهي مما استأثر الله بعلمه وهو المعبر عنه بالغَيْب، كما تقدم في قوله تعالى :( الذين يؤمنون بالغيب في سورة البقرة. وقد استقر عند الناس كلهم أن أمور الغيب لا يعلمها إلاّ الله أو من أطْلَع من عباده على بعضها.
والكلام هنا على حذف مضاف، أي أعندهم علم الغيب كما قال تعالى : أعنده علم الغيب فهو يرى في سورة النجم.
فالمراد بقوله عندهم الغيب ( أنه حصل في علمهم ومكنتهم، أي بإطلاع جميعهم عليه أو بإبلاغ كبرائهم إليهم وتلقيهم ذلك منهم.
وتقديم ) عندهم ( على المبتدأ وهو معرفة لإِفادة الاختصاص، أي صار علم الغيب عندهم لا عند الله.
ومعنى ) يكتبون ( : يَفرضون ويعينون كقوله :( كتب عليكم القصاص في