" صفحة رقم ١٠٤ "
القَتلى ( ( البقرة : ١٧٨ ) وقوله :( كتاب الله عليكم ( ( النساء : ٢٤ )، أي فهم يفرضون لأنفسهم أن السعادة في النفور من دعوة الإِسلام ويفرضون ذلك على الدهماء من أتباعهم.
ومجيء جملة ) فهم يكتبون ( متفرعة عن جملة ) أم عندهم الغيب، ( بناء على أن ما في الغيب مفروض كونه شاهداً على حكمهم لأنفسهم المشارِ إليه بقوله :( ما لكم كيف تحكمون ( ( القلم : ٣٦ ) كما علمته آنفاً.
( ٤٨ ٥٠ ).
تفريع على ما تقدم من إبطال مزاعم المشركين ومطاعنهم في القرآن والرسول ( ﷺ ) وما تبعه من تكفل الله لرسوله ( ﷺ ) بعاقبة النصر، وذلك أن شدته على نفس النبي ( ﷺ ) من شأنها أن تُدخل عليه يَأْساً من حصول رغبته ونجاح سعيه، ففرع عليه تثبيتهُ وحثه على المصابرة واستمراره على الهَدْي، وتعريفه بأن ذلك التثبيت يرفع درجته في مقام الرسالة ليكون من أولي العزم، فذكَّره بمثَل يونس عليه السلام إذْ استعجل عن أمر ربّه، فأدبه الله ثم اجتباه وتاب عليه وجعله من الصالحين تذكيراً مراداً به التحذير.
والمراد بحكم الربّ هنا أمره وهو ما حُمله إياه من الإِرسال والاضطلاع بأعباء الدعوة. وهذا الحكم هو المستقرأ من آيات الأمر بالدعوة التي أولها ) يا أيها المدثر قم فأنذر إلى قوله : ولربك فاصبر ( ( المدثر : ١ ٧ ) فهذا هو الصبر المأمور به في هذه الآية أيضاً. ولا جرم أن الصبر لذلك يستدعي انتظار الوعد بالنصر وعدم الضجر من تأخره إلى أمده المقدر في علم الله.
وصاحب الحوت : هو يونس بن متَّى، وقد تقدم ذكره عند قوله تعالى :( ووهبنا له إسحاق إلي قوله : ويونس في سورة الأنعام ( ٨٤ ٨٦ ).
والصاحب : الذي يصحب غيره، أي يكون معه في بعض الأحوال أو في


الصفحة التالية
Icon