" صفحة رقم ١١٤ "
في الحرف، لأن الأمر العظيم من شأنه أن يستفهم عنه فصار التعظيم والاستفهام متلازمين. ولك أن تجعل الاستفهام إنكارياً، أي لا يدري أحد كنه هذا الأمر.
والمقصود من ذلك على كلا الاعتبارين هو التهويل.
هذا السؤال كما تقول : علمت هل يسافر فلان.
و ) مَا ( الثالثة علقت فعل ) أدراك ( عن العمل في مفعولين.
وكاف الخطاب فيه خطاب لغير معين فلذلك لا يقترن بضمير تثنية أو جمع أو تأنيث إذا خوطب به غير المفرد المذكر.
واستعمال ) ما أدراك ( غير استعمال ) ما يدريك في قوله تعالى : وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً ( ( الأحزاب : ٦٣ ) وقوله :( وما يدريك لعل الساعة قريب في سورة الشورى.
روي عن ابن عباس : كل شيء من القرآن من قوله : ما أدراك ( فقد أدرَاه وكل شيء من قوله :( وما يدريك ( فقد طُوي عنه ). وقد روي هذا أيضاً عن سفيان بن عيينة وعن يحيى بين سلاّم فإن صح هذا المروي فإن مرادهم أن مفعول ) ما أدراك ( محقق الوقوع لأن الاستفهام فيه للتهويل وأن مفعول ) ما يدريك ( غير محقق الوقوع لأن الاستفهام فيه للإِنكار وهو في معنى نفي الدراية.
وقال الراغب : كل موضع ذُكر في القرآن ) وما أدراك ( فقد عقب ببيانه نحو ) وما أدراك ماهيه نار حامية ( ( القارعة : ١٠ ١١ )، ) وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ( ( القدر : ٢ ٣ )، ) ثم ما أدراك ما يوم الدين يومَ لا تملك نفس لنفس شيئاً ( ( الانفطار : ١٨ ١٩ )، ) وما أدراك ما الحاقّة كذبت ثمود وعاد بالقارعة ( ( الحاقة : ٣ ٤ )، وكأنه يريد تفسير ما نقل عن ابن عباس وغيره.
ولم أرَ من اللغويين من وفَّى هذا التركيب حقه من البيان وبعضهم لم يذكره أصلاً.
إن جعلتَ قوله :( ومَا أدراك ما الحاقّة ( ( الحاقة : ٣ ) نهايةَ كلام فموقع قوله :( كذبت


الصفحة التالية
Icon