" صفحة رقم ١١٩ "
وقوله :( خاويةٍ ( مجرور باتفاق القراء، فتعين أن يكون صفة ) نخل.
ووصفُ نخل ( بأنها ) خاوية ( باعتبار إطلاق اسم ( النخل ) على مكانه بتأويل الجنة أو الحديقة، ففيه استخدام. والمعنى : خالية من الناس، وهذا الوصف لتشويه المشبه به بتشويه مكانه، ولا أثر له في المشابهة وأحسنه ما كان فيه مناسبة للغرض من التشبيه كما في الآية، فإن لهذا الوصف وقعاً في التنفير من حالتهم ليناسب الموعظة والتحذير من الوقوع في مثل أسبابها، ومنه قول كعب بن زهير :
لَذاكَ أهْيَبُ عندي إذْ أُكلمه
وقيلَ إنَّك مَنسُوبٌ ومَسْؤول
مِن خادرٍ من لُيُوثثِ الأسْدِ مسكَنه
من بَطْن عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غِيل
الأبيات الأربعة، وقول عنترة :
فتركتُه جَزَر السباععِ يَنُشْنَه
يَقضِمْنَ حُسنَ بنانِه والمعصم
تفريع عَلى مجموع قصتي ثمود وعاد، فهو فذلكة لما فصل من حال إهلاكهما، وذلك من قبيل الجمع بعد التفريق، فيكون في أول الآية جمع ثم تفريق ثم جمع وهو كقوله تعالى :( وأنه أهلك عاداً الأولى وثموداً فما أبقى ( ( النجم : ٥٠ ٥١ ) أي فما أبقاهما.
والخطاب لغير معين.
والباقية : إما اسم فاعل على بابه، والهاء : إما للتأنيث بتأويل نفس، أي فما ترى منهم نفس باقية أو بتأويل فرقة، أي ما ترى فرقة منهم باقية.
ويجوز أن تكون ) باقية ( مصدراً على وزن فَاعلة مثل ما تقدم في الحاقة، أي فما ترى لهم بقاء، أي هلكوا عن بكرة أبيهم.
واللام في قوله :( لهم ( يجوز أن تجعل لشبه الملك، أي باقية لأجل النفع.
ويجوز أن يكون اللام بمعنى ( مِن ) مثل قولهم : سمعت له صراخاً، وقول الأعشى :


الصفحة التالية
Icon