" صفحة رقم ١٢ "
صفة ل ) الذي بيده الملك ( ( الملك : ١ ) فلما شمل قوله :( وهو على كل شيء قدير ( ( الملك : ١ ) تعلق القدرة بالموجود والمعدوم أتبع بوصفه تعالى بالتصرف الذي منه خلق المخلوقات وأعراضِها لأن الخلق أعظم تعلق القدرةِ بالمقدور لدلالته على صفة القدرة وعلى صفة العلم.
وأوثر بالذكر من المخلوقات الموتُ والحياة لأنهما أعظم العوارض لجنس الحيوان الذي هو أعجب الموجود على الأرض والذي الإنسان نوع منه، وهو المقصود بالمخاطبة بالشرائع والمواعظ، فالإماتة تصرف في الموجود بإعداده للفناء، والإحياء تصرف في المعدوم بإيجاده ثم إعطائه الحياة ليستكمل وجود نوعه.
فليس ذكر خلق الموت والحياة تفصيلاً لمعنى المُلك بل هو وصف مستقل.
والاقتصار على خلق الموت والحياة لأنهما حالتان هما مظهرا تعلق القدرة بالمقدور في الذاتتِ والعرض لأن الموت والحياة عرضان والإنسان معروض لهما.
والعَرَض لا يقوم بنفسه فلما ذُكر خلق العَرَض علم من ذكره خَلْق معروضه بدلالة الاقتضاء.
وأوثر ذكر الموت والحياة لِما يدلان عليه من العبرة بتداول العرضين المتضاديْن على معروض واحد، وللدلالة على كمال صنع الصانع، فالموت والحياة عرضان يعرضان للموجود من الحيوان، والموتُ يُعِد الموجود للفناء والحياة تُعِد الموجود للعمل للبقاء مدة. وهما عند المتكلمين من الأعراض المختصة بالحي، وعند الحكماء من مقولة الكيف ومن قسم الكيفيات النفسانية منه.
فالحياة : قوة تَتْبَع اعتدالَ المزاج النوعي لتَفيضَ منها سائر القوى.
و ) الموت ( : كيفية عدمية هو عدم الحياة عما شأنه أن يوصف بالحياة أو الموت، أي زوال الحياة عن الحي، فبين الحياة والموت تقابُلُ العَدَم والمَلَكة.
ومعنى خلق الحياة : خلق الحي لأن قوام الحي هو الحياة، ففي خَلقه خلقُ ما


الصفحة التالية
Icon