" صفحة رقم ١٢١ "
وشمل قوله :( ومَن قبله ( أمَماً كثيرة منها قوم نوح وقوم إبراهيم.
وقرأ الجمهور ) ومن قَبله ( بفتح القاف وسكون الباء. وقرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب بكسر القاف وفتح الباء، أي ومن كان من جهته، أي قومه وأتباعه.
و ) المؤتفكات ( : قُرى لوط الثلاثُ، وأريد بالمؤتفكات سكانها وهم قوم لوط وخصوا بالذكر لشهرة جريمتهم ولكونهم كانوا مشهورين عند العرب إذ كانت قُراهم في طريقهم إلى الشام، قال تعالى :( وإنكم لتمرُّون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ( ( الصافات : ١٣٧، ١٣٨ ) وقال :( ولقد أتوا على القرية التي أُمْطِرت مطَر السوء أفلم يكونوا يرونها ( ( الفرقان : ٤٠ ).
ووصفت قرى قوم لوط ب ) المؤتفكات ( جمع مؤتفكة اسم فاعل ائتفك مُطاوع أفَكَه، إذا قلَبَه، فهي المنقلبات، أي قلبها قالب، أي خسف بها قال تعالى :( جعلنا عاليها سافلها ( ( هود : ٨٢ ).
والخاطئة : إمّا مصدر بوزن فاعلة وهاؤه هاء المرة الواحدة فلما استعمل مصدراً قطع النظر عن المرة، كما تقدم في قوله :( الحاقة ( ( الحاقة : ١ ) فهو مصدر خَطِىءَ، إذا أذنب. والذنب : الخِطْء بكسر الخاء، وإِما اسم فاعل خَطِىءَ وتأنيثه بتأويل : الفعلة ذات الخِطْء فهاؤه هاء تأنيث.
والتعريف فيه تعريف الجنس على كلا الوجهين، فالمعنى : جاء كل منهم بالذنب المستحق للعقاب. وفرع عنه تفصيل ذنبهم المعبر عنه بالخَاطئة فقال ) فعصوا رسول ربّهم ( وهذا التفريع للتفصيل نظير التفريع في قوله :( كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ( ( القمر : ٩ ) في أنه تفريع بيان على المبيَّن.
وضمير ( عصوا ) يجوز أن يرجع إلى ) فرعون ( باعتباره رأس قومه، فالضمير عائد إليه وإلى قومه، والقرينة ظاهرة على قراءة الجمهور، وإما على قراءة أبي عمرو والكسائي فالأمر أظهر وعلى هذا الاعتبار في محل ضمير ( عصوا ) يكون المراد ب ) رسول ربّهم ( موسى عليه السلام. وتعريفه بالإِضافة لما في لفظ المضاف إليه من الإِشارة إلى تخطئتهم في عبادة فرعون وجعلهم إياه إلاهاً لهم.


الصفحة التالية
Icon