" صفحة رقم ١٣١ "
و ) هاؤم ( بتصاريفه معتبر اسم فعل أمر بمعنى : خذ، كما في ( الكشاف ) وبمعنى تعال، أيضاً كما في ( النهاية ).
والخطاب في قوله :( هاؤم اقرأوا ( للصالحين من أهل المحشر.
و ) كتابيَه ( أصله : كتابِيَ بتحريك ياء المتكلم على أحد وجُوه في يَاء المتكلم إذا وقعت مضافاً إليها وهو تحريك أحسب أنه يقصد به إظهار إضافة المضاف إلى تلك الياء للوقوف، محافظة على حركة الياء المقصودِ اجتلابها.
و ) اقرأُوا ( بيان للمقصود من اسم الفعل من قوله ) هاؤم.
وقد تنازع كل من هاؤُم واقرأوا ( قوله :( كتابيه ). والتقدير : هاؤم كتابيه اقرأوا كتابيه. والهاء في كتابيه ونظائرها للسْكتتِ حين الوقف.
وحق هذه الهاء أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل. وقد أثبتت في هذه الآية في الحالين عند جمهور القراء وكتبت في المصاحف، فعلم أنها للتعبير عن الكلام المحكي بلغة ذلك القائل بما يرادفه في الاستعمال العربي لأن الاستعمال أن يأتي القائل بهذه الهاء بالوقف على كلتا الجملتين.
ولأن هذه الكلمات وقعت فواصل والفواصل مثل الأسجاع تعتبر بحالة الوقف مثل القوافي، فلو قيل : اقرأوا كتابيَ إني ظننت أني ملاققٍ حسابيَ، سقطت فاصلتان وذلك تفريط في محسّنَيْن.
وقرأها يعقوب إذا وصلها بحذف الهاء والقراء يستحبون أن يقف عليها القارىء ليوافق مشهور رسم المصحف ولئلا يذهب حسن السجع.
وأُطلق الظن في قوله :( إني ظننت أني ملاققٍ حسابيه، ( على معنى اليقين وهو أحد معنييه، وعن الضحاك : كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين ومن الكافر فهو شك.
وحقيقة الظن : عِلم لم يتحقق ؛ إِما لأن المعلوم به لم يقع بعدُ ولم يخرج إلى عالم الحس، وإِما لأن علم صاحبه مخلوط بشك. وبهذا يكون إطلاق الظن على المعلوم المتيقن إطلاقاً حقيقياً. وعلى هذا جرى الأزهري في ( التهذيب ) وأبو عمرو واقتصر على هذا المعنى ابن عطية.