" صفحة رقم ١٤٢ "
رَوي مقاتل أن سبب نزولها : أن أبا جهل قال : إن محمداً شاعر، وأن عقبة بن أَبي مُعيط قال : هو كاهن، فقال الله تعالى :( إنه لقول رسول كريم ( الآية.
ويجوز أن يراد ب ) رسول كريم ( جبريل عليه السلام كما أريد به في سورة التكوير إذ الظاهر أن المراد به هنالك جبريل كما يأتي.
وفي لفظ ) رسول ( إيذان بأن القول قول مُرسله، أي الله تعالى، وقد أكد هذا المعنى بقوله عقبه ) تنزيل من رب العالمين.
ووصف الرسول ب كريم ( لأنه الكريم في صنفه، أي النفيس الأفضل مثل قوله :( إني أُلقي إليّ كتاب كريم في سورة النمل.
وقد أثبت للرسول الفضل على غيره من الرسل بوصف كريم (، ونفي أن يكون شاعراً أو كاهناً بطريق الكناية عند قصد رد أقوالهم.
وعطف ) ولا بقول كاهن ( على جملة الخبر في قوله :( بقول شاعر، ( و ) لا ( النافية تأكيد لنفي ) ما ).
وكني بنفي أن يكون قولَ شاعر، أو قول كاهن عن تنزيه النبي ( ﷺ ) عن أن يكون شاعراً أو كاهناً، رد لقولهم : هو شاعر أو هو كاهن.
وإنما خص هذان بالذكر دون قولهم : افتراه، أو هو مجنون، لأن الوصف بكريم كاف في نفي أن يكون مجنوناً أو كاذباً إذ ليس المجنون ولا الكاذب بكريم، فأما الشاعر والكاهن فقد كانا معدودين عندهم من أهل الشرف.
والمعنى : ما هو قول شاعر ولا قول كاهن تلقاه من أحدهما ونسبَه إلى الله تعالى.
و ) قليلاً ( في قوله :( قليلاً ما تؤمنون قليلاً ما تذكَّرون ( مراد به انتفاء ذلك من أصله على طريقة التمليح القريب من التهكم كقوله :( فلا يؤمنون إلاّ قليلاً ( ( النساء : ٤٦ )، وهو أسلوب عربي، قال ذو الرمة :
أُنيحَتْ ألْقَتْ بَلْدَةً فوق بَلْدةٍ
قَلِيللٍ بها الأصواتُ إلاّ بُغَامُها
فإن استثناء بُغام راحلته دل على أنه أراد من ( قليل ) عدم الأصوات.


الصفحة التالية
Icon