" صفحة رقم ١٤٨ "
ادعى النبوءة في اليَمامة، فإنهما لم يأتيا بكلام ينسبانه إلى الله تعالى، فكان إهلاكهما بعد مدة، ومثْلهما من ادعَوا النبوءة في الإِسلام مثل ( بَابك ومازيّار ).
وقال الفخر :( قيل : اليمين بمعنى القُوة والقدرة، والمعنى : لأخذنا منه اليمينَ، أي سلبنا عنه القوة، والباء على هذا التقدير صلة زائدة. واعلم أن حاصل هذا أنه لو نسب إلينا قولاً لم نقله لمنعناه عن ذلك : إِما بواسطة إقامة الحجة فإنا نقيض له من يعارضه فيه وحينئذٍ يظهر للناس كذبه فيه فيكون ذلك إبطالاً لدعواه وهدْماً لكلامه، وإما بأن نسلب عنه القدرة على التكلم بذلك القول، وهذا هو الواجب في حكمة الله تعالى لئلا يشتبه الصادق بالكاذب ) اه. فركّب من تفسير اليمين بمعنى القوة، أن المراد قوة المتقوِّل لا قوة الله وانتزع من ذلك تأويل الباء على معنى الزيادة ولم يسبقه بهذا التأويل أحد من المفسرين ولا تَبعه فيه مَن بعده فيما رأينا. وفيه نظر، وقد تبين بما فسرنا به الآية عدم الاحتجاج إلى تأويل الفخر.
عطف على ) إنه لقول رسول كريم ( ( الحاقة : ٤٠ )، والضمير عائد إلى القرآن الذي تقدم ضميره في قوله :( إنه لقول رسول كريم، فلما أبطل طعنهم في القرآن بأنه قول شاعر، أو قول كاهن أعقب ببيان شرفه ونفعه، إمعاناً في إبطال كلامهم بإظهار الفرق البيّن بينه وبين شعر الشعراء وزمزمة الكهان، إذ هو تذكرة وليس ما ألحقوه به من أقوال أولئك من التذكير في شيء.
والتذكرة : اسم مصدر التذكير وهو التنبيه إلى مغفول عنه.
والإِخبار ب وإنه لتذكرة ( إخبار بالمصدر للمبالغة في الوصف. والمعنى : أنه مذكِّر للناس بما يغفلون عنه من العلم بالله وما يليق بجلاله لينتشلهم من هوة التمادي في الغفلة حتى يفوت الفوات، فالقرآن في ذاته تذكرة لمن يريد أن يتذكر سواء تذكَّر أم لم يتذكر، وقد تقدم تسمية القرآن بالذِكر والتذكير في آيات عديدة منها قوله تعالى في سورة طه ) إلاّ تذكرة لمن يخشى وقوله : وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر في سورة ( ( الحجر : ٦ ).
والمراد بالمتقين المؤمنون فإنهم المتصفون بتقوى الله لأنهم يؤمنون بالبعث والجزاء دون المشركين. فالقرآن كان هادياً إياهم للإيمان كما قال تعالى :( هدى للمتقين ( ( البقرة : ٢ )


الصفحة التالية
Icon