" صفحة رقم ١٥٩ "
يجوز أن يتعلق ) يوم تكون السماء ( بفعل ) تعرج ( ( المعارج : ٤ )، أو أن يتعلق ب ) يَوَدُّ المجرم ( قدم عليه للاهتمام بذكر اليوم فيكون قوله :( يوم تكون السماء كالمهل ( ابتداء كلام، والجملة المجعولة مبدأ كلام تجعل بدل اشتمال من جملة ) ولا يسأل حميم حميماً ( لأن عدم المساءلة مسبب عن شدة الهَول، ومما يشتمل عليه ذلك أن يود المَوَل لو يفتدي من ذلك العذاب.
و ) المُهل ( : دُردِيّ الزيتتِ.
والمعنى : تشبيه السماء في انحلال أجزائها بالزيت، وهذا كقوله في سورة الرحمن ) فكانت وردة كالدِهان.
والعِهن : الصوف المصبوغ، قيل المصبوغ مطلقاً، وقيل المصبوغ ألواناً مختلفة وهو الذي درج عليه الراغب والزمخشري، قال زهير :
كان فُتات العِهن في كل منزِلٍ
نَزلْنَ به حَبُّ الفَنا لم يُحَطَّم
والفنا بالقصر : حب في البادية، يقال له : عنب الثعلب، وله ألوان بعضه أخضر وبعضه أصفر وبعضه أحمر. والعهنة : شجر بالبادية لها ورد أحمر.
ووجه الشبه بالعهن تفرق الأجزاء كما جاءت في آية القارعة وتكون الجبال كالعهن المنفوشِ فإيثار العهن بالذكر لإِكمال المشابهة لأن الجبال ذات ألوان قال تعالى : ومن الجبال جُدد بيضٌ وحُمْرٌ مختلف ألوانها ( ( فاطر : ٢٧ ). وإنما تكون السماء والجبال بهاته الحالة حين ينحلّ تماسك أجزائهما عند انقراض هذا العالم والمصيرِ إلى عالم الآخرة.
ومعنى ) ولا يسأل حميم حميماً ( لشدة ما يعتري الناس من الهول فمن شدة ذلك أن يرى الحميم حميمه في كرب وعناء فلا يتفرغ لسؤاله عن حاله لأنه في شاغل عنه، فحذف متعلق ) يسأل ( لظهوره من المقام ومن قوله :( يبصرونهم ( أي يبصر الأخلاء أحوال أخلائهم من الكرب فلا يسأل حميم حميماً، قال كعب بن زهير :


الصفحة التالية
Icon