" صفحة رقم ١٦ "
وأما ) الغفور ( فهو الذي يكرم أولياءه ويصفح عن فلتاتهم فهو مناسب للجزاء على الطاعات وكناية عنه، قال تعالى :( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ( ( طه : ٨٢ ) فهو إشارة إلى حظ أهل الصلاح من المخاطبين.
( ٣ ٤ ).
صفة ثانية للذي بيده الملك، أعقب التذكيرُ بتصرف الله بخلق الإِنسان وأهم أعراضه بذكر خلق أعظم الموجودات غير الإِنسان وهي السماوات، ومفيدةٌ وصفاً من عظيم صفات الأفعال الإلاهية، ولذلك أعيد فيها اسم الموصول لتكون الجُملُ الثلاث جارية على طريقة واحدة.
والسماوات تكرر ذكرها في القرآن، والظاهر أن المراد بها الكواكب التي هي مجموع النظام الشمسي ما عدا الأرض، كما تقدم عند قوله تعالى :( فسواهن سبع سماوات في ( ( سورة البقرة : ٢٩ ) فإنها هي المشاهدة بأعين المخاطبين، فالاستدلال بها استدلال بالمحسوس.
والطباق يجوز أن يكون مصدر طابق وُصفت به السماوات للمبالغة، أي شديدة المطابقة، أي مناسبة بعضها لبعض في النظام.
ويجوز أن تكون ) طِباقاً ( جمع طَبَق، والطبَق المساوي في حالةٍ ما، ومنه قولهم في المثَل :( وافَقَ شَنٌّ طبَقَه ).
والمعنى : أنها مرتفع بعضها فوق بعض في الفضاء السحيق، أو المعنى : أنها متماثلة في بعض الصفات مثل التكوير والتحرّك المنتظم في أنفسها وفي تحرك كل واحدة منها بالنسبة إلى تحرك بقيتها بحيث لا تَرْتَطِمُ ولا يتداخل سيرها.
وليس في قوله :( طباقاً ( ما يقتضي أن بعضها مظروف لبعض لأن ذلك ليس من مفاد مادة الطباق ( فلا تَكُن طَبَاقاء ).


الصفحة التالية
Icon