" صفحة رقم ١٧٣ "
والإِشفاق : توقع حصول المكروه وأخذُ الحذر منه.
وصوغ الصلة بالجملة الاسمية لتحقيق وثبات اتصافهم بهذا الإِشفاق لأنه من المغيبات، فمن شأن كثير من الناس التردد فيه.
وجملة ) إن عذاب ربهم غير مأمون ( معترضة، أي غير مأمون لهم، وهذا تعريض بزعم المشركين الأمْنَ منه إذ قالوا :( وما نحن بمعذبين ( ( الشعراء : ١٣٨ ). ووصفُهم بأنهم ) لفروجهم حافظون ( مقابل قوله في تهويل حال المشركين يوم الجزاء بقوله :( ولا يَسْأل حميم حميماً ( ( المعارج : ١٠ ) إذ أخص الأحِمَّاء بالرجل زوجه، فقصد التعريض بالمشركين بأن هذا الهول خاص بهم بخلاف المسلمين فإنهم هم وأزواجهم يحبرون لأنهم اتقوا الله في العفة عن غير الأزواج، قال تعالى :( الأخلاَّءُ يومئذٍ بعضهم لبعض عدوّ إلاّ المتقين ( ( الزخرف : ٦٧ ).
وتقدم نظير هذا في سورة المؤمنين، أي ليس في المسلمين سفاح ولا زنا ولا مخالّة ولا بغاء، ولذلك عقب بالتفريع بقوله :( فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون.
والعادي : المفسد، أي هم الذين أفسدوا فاختلطت أنسابهم وتطرقت الشكوك إلى حصانة نسائهم، ودخلت الفوضى في نظم عائلاتهم، ونشأت بينهم الإِحن من الغيرة.
وذكرُ رعي الأمانات والعهد لمناسبة وصف ما يودّ الكافر يوم الجزاء أن يفتديه من العذاب بفصيلته التي تؤويه فيذهب منه رعي العهود التي يجب الوفاء بها للقبيلة. وحسبك من تشويه حاله أنه قد نكث العهود التي كانت عليه لقومه من الدفاع عن حقيقتهم بنفسه وكان يفديهم بنفسه، والمسلم لما كان يرعى العهد بما يمليه عليه دينه جازاه الله بأن دفع عنه خزي ودادة فدائه نفسه بمواليه وأهل عهده.
والقول في اسمية الصلة كالقول في الذي قبله.
والرعي : الحفظ والحراسة. وأصله رعي الغنم والإِبل.
وقرأ الجمهور لأماناتهم ( بصيغة الجمع. وقرأه ابن كثير ) لأمانتهم ( بالإِفراد والمراد الجنس.


الصفحة التالية
Icon