" صفحة رقم ١٧٧ "
والتعريف في ) اليمين ( و ) الشمال ( تعريف الجنس أو الألف واللام عوض عن المضاف إليه.
والمقصود من ذكر اليمين والشمال : الإِحاطة بالجهات فاكتفي بذكر اليمين والشمال، لأنهما الجهتان اللتان يغلب حلولهما، ومثله قول قَطَريّ بن الفُجَاءَةِ :
فلقد أراني للرماح دَريئَةً
مِن عَنْ يميني مَرّة وأَمامي
يريد : من كل جهة.
و ) عزِين ( حال من ) الذين كفروا ). و ) عزين ( : جمع عِزَة بتخفيف الزاي، وهي الفِرقة من النّاس، اسم بوزن فِعْلَة. وأصله عِزوة بوزن كِسوة، وليست بوزن عِدَة. وجرى جمع عِزة على الإِلحاق بجمع المذكر السالم على غير قياس وهو من باب سَنَة من كل اسم ثلاثي حذفت لاَمه وعُوض عنها هاء التأنيث ولم يكسّر مثل عِضَة ( للقطعة ).
وهذا التركيب في قوله تعالى :( فما للذين كفروا قِبَلك مهطعين ( إلى قوله ) جنة نعيم ( يجوز أن يكون استعارة تمثيلية شبه حالهم في إسراعهم إلى النبي ( ﷺ ) بحال من يُظن بهم الاجتماع لطلب الهدى والتحصيل على المغفرة ليدخلوا الجنة لأن الشأن أن لا يلتف حول النبي ( ﷺ ) إلاّ طالبوا الاهتداء بهديه.
والاستفهام على هذا مستعمل في أصل معناه لأن التمثيلية تجري في مجموع الكلام مع بقاء كلماته على حقائقها.
ويجوز أن يكون الكلام استفهاماً مستعملاً في التعجيب من حال إسراعهم ثم تكذيبهم واستهزائهم.
وجملة ) أيطمع كل امرىء منهم أن يُدخل جنة نعيم ( بدل اشتمال عن جملة ) فما للذين كفروا قِبلك مهطعين ( الآية، لأنّ التفافهم حول النبي ( ﷺ ) شأنه أن يكون لطلب الهدى والنجاة فشبه حالهم بحال طالبي النجاة والهدى فأُورد استفهام عليه.
وحكى المفسرون أن المشركين قالوا مستهزئين : نحن ندخل الجنة قبل المسلمين، فجاز أن يكون الاستفهام إنكاراً لتظاهرهم بالطمع في الجنة بحمل استهزائهم على خلاف مرادهم على طريقة الأسلوب الحكيم، أو بالتعبير بفعل