" صفحة رقم ١٩٨ "
وهذا وعد بخير الآخرة ورتب عليه وعداً بخير الدنيا بطريق جواب الأمر، وهو ) يُرسل السماء عليكم ( الآية.
وكانوا أهل فلاحة فوعدهم بنزول المطر الذي به السلامة من القحط وبالزيادة في الأموال.
و ) السماء ( : هنا المطر، ومن أسماء المطر السماء. وفي حديث ( الموطأ ) و ( الصحيحين ) عن زيد بن خالد الجهني : أنه قال :( صلى لنا رسول الله ( ﷺ ) صلاة الصبح بالحُدَيْبِيَة على إِثْر سَمَاءٍ كانت من الليْل ) الحديث. وقال معاوية بن مالك بن جعفر :
إذا نزل السماءُ بأرض قوم
رَعَيْنَاهُ وإن كانوا غِضابا
والمدرار : الكثيرة الدُّر والدُّرور، وهو السيلان، يُقال : درت السماء بالمطر، وسماء مدرار.
ومعنى ذلك : أن يَتْبع بعض الأمطار بعضاً.
ومِدرار، زنة مبالغة، وهذا الوزن لا تلحقه علامة التأنيث إلاّ نادراً كما في قول سهل بن مالك الفزاري :
أصبَحَ يَهْوَى حُرَّةً مِعْطَارَة
فلذلك لم تلحق التاء هنا مع أن اسم السماء مؤنث.
والإِرسال : مستعار للإِيصال والإِعطاء، وتعديته ب ) عليكم ( لأنه إيصال من علوّ كقوله :( وأرسل عليهم طيراً أبابيل ( ( الفيل : ٣ ).
و ( أموال ) : جمع مال وهو يشمل كل مكسب يبذله المرء في اقتناء ما يحتاج إليه.
والمراد بالجنات في قوله :( ويجعل لكم جنات ( النخيل والأعناب، لأن الجنات تحتاج إلى السقي.
وإعادة فعل يَجْعل بعد واو العطف في قوله :( ويجعل لكم أنهاراً ( للتوكيد اهتماماً بشأن المعطوف لأن الأنهار قوام الجنات وتسقي المزارع والأنعام.


الصفحة التالية
Icon