" صفحة رقم ٢٠٦ "
هذه الجملة بدل من جملة ) قال رب إني دَعوت قومي ( ( نوح : ٥ ) بدلَ اشتمال لأن حكاية عصيان قومه إياه مما اشتملت عليه حكاية أنه دعاهم فيحتمل أن تكون المقالتان في وقت واحد جاء فيه نوح إلى مناجاة ربه بالجواب عن أمره له بقوله :( أنْذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ( ( نوح : ١ ) فتكون إعادة فعل ) قال ( من قبيل ذكر عامل المبدل منه في البدل كقوله تعالى :( تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا ( ( المائدة : ١١٤ )، للربط بين كلاميه لطول الفصل بينهما.
ويحتمل أن تكون المقالتان في وقتين جمعها القرآن حكاية لجوابيه لربه، فتكون إعادة فعل ) قال ( لما ذكرنا مع الإِشارة إلى تباعد ما بين القولين.
ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن ما سبقها من قوله :( قال رب إني دعوت قومي إلى هنا مما يثير عجباً من حال قومه المحكي بحيث يتساءل السامع عن آخر أمرهم، فابتدىء ذكر ذلك بهذه الجملة وما بعدها إلى قوله : أنصاراً ( ( نوح : ٢٥ ). وتأخير هذا بعد عن قوله ) قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً ( ( نوح : ٥ ) ارتقاء في التذمر منهم لأن هذا حكاية حصول عصيانهم بعد تقديم الموعظة إليهم بقوله :( يرسل السماء عليكم مدراراً إلى قوله : سُبُلاً فجاجاً ( ( نوح : ١١ ٢٠ )
وإظهار اسم ) نوح ( مع القول الثاني دون إضمارٍ لبعد معاد الضمير لو تحمَّله الفعل، وهذا الخبر مستعمل في لازم معناه، كما تقدم في قوله :( قال رب الخ. وتأكيد الخبر ب ( إن ) للاهتمام بما استعمل فيه من التحسر والاستنصار.
ثم ذكر أنهم أخذوا بقول الذين يصدونهم عن قبول دعوة نوح، أي اتبعوا سادتهم وقادتهم. وعدل عن التعبير عنهم بالكبراء ونحوه إلى الموصول لما تؤذن به الصلة من بطرهم نعمة الله عليهم بالأموال والأولاد، فقلبوا النعمة عندهم موجب خسار وضلال.
وأدمج في الصلة أنهم أهل أموال وأولاد إيماء إلى أن ذلك سبب نفاذ قولهم في


الصفحة التالية
Icon