" صفحة رقم ٢٤٠ "
عن ذكرنا، أو عن ذكري، لاقتضاء الحال الإِيماءَ إلى وجه بناء الخبر فإن المعرض عن ربّه الذي خلقه وأنشأه ودبره حقيق بأن يسلك عذاباً صعداً.
والصّعَد : الشاق الغالِبُ، وكأنه جاءٍ من مصدر صَعد، كفرح إذا علا وارتفع، أي صَعِد على مفعوله وغلبه، كما يقال : عَلاَه بمعنى تمكن منه، ) وأن لا تعلوا على الله ( ( الدخان : ١٩ ).
وقرأ الجمهور ) نسلكه ( بنون العظمة ففيه التفات. وقرأه عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف ) يسلكه ( بياء الغائب فالضمير المستتر يعود إلى ربّه.
اتفق القراء العشرة على فتح الهمزة في ) وأن المساجد لله ( فهي معطوفة على مرفوع ) أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن ( ( الجن : ١ )، ومضمونها مما أوحي به إلى النبي ( ﷺ ) وأُمر بأن يقوله. والمعنى : قل أوحي إلي أن المساجد لله، فالمصدر المنسبك مع ) أنَّ ( واسمها وخبرها نائب فاعل ) أُوحي ( ( الجن : ١ ).
والتقدير : أوحي إلي اختصاص المساجد بالله، أي بعبادته لأن بناءها إنما كان ليعبد الله فيها، وهي معالم التوحيد.
وعلى هذا الوجه حمل سيبويه الآية وتبعه أبو علي في ( الحُجة ).
وذهب الخليل أن الكلام على حذف لام جر قبل ) أنّ (، فالمجرور مقدم على متعلَّقه للاهتمام. والتقدير : ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً.
واللام في قوله ) لله ( للاستحقاق، أي الله مستحقها دون الأصنام والأوثان فمن وضع الأصنام في مساجد الله فقد اعتدى على الله.
والمقصود هنا هو المسجد الحرام لأن المشركين كانوا وضعوا فيه الأصنام والأنصاب وجعلوا الصنم ( هُبَل ) على سطح الكعبة، قال تعالى :( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ( ( البقرة : ١١٤ ) يعني بذلك المشركين من قريش.
وهذا توبيخ للمشركين على اعتدائهم على حق الله وتصرفهم فيما ليس لهم أن