" صفحة رقم ٢٤٤ "
وتركيب ) لا أملك لكم ( معناه لا أقدر قدرة لأجلكم على ضرّ ولا نفع، وقد تقدم عند قوله تعالى :( وما أملك لك من الله من شيء في سورة الممتحنة وتقدم أيضاً في سورة الأعراف.
وجملتا قل إني لن يجيرني ( إلى ) ملتحداً ( معترضتان بين المستثنى منه والمستثنى، وهو اعتراضُ ردَ لما يحاولونه منه أن يترك ما يؤذيهم فلا يذكر القرآنُ إبطال معتقدهم وتحقير أصنامهم، قال تعالى :( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائتتِ بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلاّ ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ( ( يونس : ١٥ ).
والملتحد : اسم مكان الالتحاد، والالتحاد : المبالغة في اللحد، وهو العدول إلى مكان غير الذي هو فيه، والأكثر أن يطلق ذلك على اللجأ، أي العياذ بمكان يعصمه. والمعنى : لَن أجد مكاناً يعصمني.
و ) من دونه ( حال من ) ملتحداً (، أي ملتحداً كائناً من دون الله أي بعيداً عن الله غير داخل من ملكوته، فإن الملتحد مكان فلما وصف بأنه من دون الله كان المعنى أنه مكان من غير الأمكنة التي في ملك الله، وذلك متعذر، ولهذا جاء لنفي وجدانه حرف ) لن ( الدال على تأييد النفي.
و ) مِن ( في قوله :( مِن دونه ( مزيدة جارة للظرف وهو ( دون ).
وقوله :( إلاّ بلاغاً من الله ورسالاته ( استثناء منقطع من ) ضرَّاً ( و ) رشداً (، وليس متصلاً لأن الضر والرشد المنفيين في قوله :( لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ( هما الضر والرشد الواقعان في النفس بالإلجاء.
ويجوز أن يكون مع ذلك استثناء من ) ملتحداً (، أي بتأويل ) ملتحداً ( بمعنى مخلص أو مأمن.
وهذا الاستثناء من أسلوب تأكيد الشيء بما يشبه ضده.
والبلاغ : اسم مصدر بلغ، أي أوصل الحديث أو الكلام، ويطلق على الكلام المبلغ من إطلاق المصدر على المفعول مثل ) هذا خلق الله ( ( لقمان : ١١ ).