" صفحة رقم ٢٥١ "
أحوال الحكم الذي للمستثَنى منه، بل قصارى ما يقتضيه أنه كالنقض في المناظرة يحصل بإثبات جزئي من جزئيات ما نفاه الكلام المنقوص، فليس قوله تعالى :( إلاّ من ارتضى من رسول ( بمقتض أن الرسول يطلع على جميع غيب الله، وقد بين النوع المطلع عليه بقوله :( ليَعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم.
وقرأ رويس عن يعقوب ليُعلم ( بضم الياء وفتح اللام مبنياً للمفعول على أنّ ) أنْ قد أبلغوا ( نائب عن الفاعل، والفاعل المحذوف حذف للعلم به، أي ليعلَم الله أن قد أبلغوا.
الواو واو الحال أو اعتراضية لأن مضمونها تذييل لجملة ) ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم، ( أي أحاط بجميع ما لدى الرسل من تبليغ وغيره، وأحاط بكل شيء مما عدا ذلك، فقوله :( وأحاط بما لديهم ( تعميم بعد تخصيص ما قبله بعلمِه بتبليغهم ما أرسل إليهم، وقوله :( وأحصى كل شيء عدداً ( تعميم أشمل بعد تعميممٍ مَّا.
وعبر عن العلم بالإِحصاء على طريق الاستعارة تشبيهاً لعلم الأشياء بمعرفة الأعداد لأن معرفة الأعداد أقوى، وقوله :( عدداً ( ترشيح للاستعارة.
والعدد : بالفك اسم لمعدود وبالإدغام مصدر عَدّ، فالمعنى هنا : وأحصى كل شيء معدوداً، وهو نصب على الحال، بخلاف قوله تعالى :( وعدَّهم عَدَّا ( ( مريم : ٩٤ ). وفرق العرب بين المصدر والمفعول لأن المفعول أوغل في الاسمية من المصدر فهو أبعد عن الإِدغام لأن الأصل في الإِدغام للأفعال.


الصفحة التالية
Icon