" صفحة رقم ٢٦٥ "
وفسر ابن عباس السبح بالفراغ، أي لينام في النهار، وقال ابن وهب عن ابن زيد قال : فراغاً طويلاً لحوائجك فافرغ لدينك بالليل.
والطويل : وصف من الطول، وهو ازدياد امتداد القامة أو الطريق أو الثوب على مقاديرِ أكثرِ أمثاله. فالطول من صفات الذوات، وشاع وصف الزمان به يقال : ليل طويل وفي الحديث ( الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصامه وطال ليله فقامه ).
وأما وصف السَّبح ب ( طويل ) في هذه الآية فهو مجاز عقلي لأن الطويل هو مكان السبح وهو الماء المسبوح فيه. وبعدَ هذا ففي قوله ) طويلاً ( ترشيح لاستعارة السَّبح للعمل في النهار.
( ٨ ٩ ).
عطف على ) قم الليل ( ( المزمل : ٢ ) وقصد بإطلاق الأمر عن تعيين زمان إلى إفادة تعميمه، أي اذكر اسم ربك في الليل وفي النهار كقوله :( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً ( ( الإنسان : ٢٥ ).
وإقحام كلمة ) اسم ( لأن المأمور به ذكر اللسان وهو جامع للتذكر بالعقل لأن الألفاظ تجري على حسب ما في النفس، ألا ترى إلى قوله تعالى :( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول ( ( الأعراف : ٢٠٥ ).
والتبتل : شدة البتل، وهو مصدر تبتّل القاصر الذي هو مطاوع بَتَّله ف ) تبتل ( وهو هنا للمطاوعة المجازية يقصد من صيغتها المبالغة في حصول الفعل حتّى كأنه فعله غيره به فَطاوعه، والتبتل : الانقطاع وهو هنا انقطاع مجازي، أي تفرغ البال والفكر إلى ما يرضي الله، فكأنه انقطع عن الناس وانحاز إلى جانب الله فعدي ب ( إلى ) الدالة على الانتهاء، قال امرؤ القيس :
منارة مُمْسى راهب متَبَتِّل
والتبتيل : مصدر بتَّل المشدد الذي هو فعل متعد مثل التّقطيع.