" صفحة رقم ٢٨٢ "
بالخبر مختلفاً فإن بين قيام النبي ( ﷺ ) وقيام الطائفة التي معه تفاوتاً في الحكم والمقدار، وكذلك براءة الله من المشركين وبراءة رسوله. فإن الرسول ( ﷺ ) يدعوهم ويقرأ عليهم القرآن ويعاملهم، وأما الله فغاضب عليهم ولاَعنُهم. وهذا وجه العدول عن أن يقول : إنَّ الله يعلم أنكم تقومون. إلى قوله :( أنك تقوم ( ثم قوله :( وطائفة ( الخ.
ووُصف ) طائفة ( بأنهم ( من الذين معه )، فإن كان المراد بالمعية المعية الحقيقية، أي المصاحبة في عمل مما سيق له الكلام. أي المصاحبين لك في قيام الليل، لم يكن في تفسيره تعيين لناس بأعيانهم، ففي حديث عائشة في ( صحيح البخاري ) ( أن رسول الله ( ﷺ ) صلَّى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله ( ﷺ ) فلما أصبح قال : قد رأيتُ الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلاّ أني خشِيت أن تُفرض عليكم، وذلك في رمضان ).
وإن كانت المعية معية مجازية وهي الانتساب والصحبة والموافقة فقد عَدَدْنا منهم : عبدَ الله بن مسعود، وعبد الله بن عَمْرو، وسلمان الفارسي وأبا الدرداء، وزينبَ بنتَ جحش، وعبدَ الله بن عُمَرَ، والحَولاء بنتَ تُوَيْت الأسدية، فهؤلاء ورد ذكرهم مفرقاً في أحاديث التهجد من ( صحيح البخاري ).
واعلم أن صدر هذه الآية إيماء إلى الثناء على النبي ( ﷺ ) في وفائه بقيام الليل حق الوفاء وعلى الطائفة الذين تابعوه في ذلك.
فالخبر بأن الله يعلم أنك تقوم مراد به الكناية عن الرضى عنهم فيما فعلوا.
والمقصود : التمهيد لقوله :( علم أن لن تحصوه ( إلى آخر الآية.
ولأجل هذا الاعتبار أعيد فعل ) عَلِم ( في جملة ) علم أن سيكون منكم مرضى ( الخ ولم يقل : وأن سيكون منكم مرضى بالعطف.
وجملة ) والله يقدر الليل والنهار ( معترضة بين جملتي ) إن ربّك يعلم أنك تقوم ( وجملة ) علم أن لن تحصوه ( وقد علمت مناسبة اعتراضها آنفاً.


الصفحة التالية
Icon