" صفحة رقم ٢٨٨ "
ووصف القرض بالحسن يفيد الصدقة المراد بها وجه الله تعالى والسالمة من المنّ والأذى، والحُسن متفاوت.
والحَسن في كل نوع هو ما فيه الصفات المحمودة في ذلك النوع في بابه، ويعرف المحمود من الصدقة من طريق الشرع بما وصفه القرآن في حسن الصدقات وما ورد في كلام النبي ( ﷺ ) من ذلك.
وقد تقدم في سورة البقرة قوله :( من ذا الذي يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له ضعافاً كثيرة وفي سورة التغابن إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفْه لكم.
).
تذييل لما سبق من الأمر في قوله :( فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً (، فإن قوله :( من خير ( يعم جميع فعل الخير.
وفي الكلام إيجازُ حَذْف. تقدير المحذوف : وافعلوا الخير وما تقدموا لأنفسكم منه تجدوه عند الله، فاستغني عن المحذوف بذكر الجزاء على الخير.
و ) ما ( شرطية. ومعنى تقديم الخير : فعله في الحياة، شُبِّه فعل الخير في مدة الحياة لرجاء الانتفاع بثوابه في الحياة الآخرة بتقديم العازم على السفر ثَقَلَه وأدوَاتِه وبعضَ أهله إلى المحل الذي يروم الانتهاء إليه ليجد ما ينتفع به وقت وصوله.
و ) من خير ( بيان لإِبهام ) ما ( الشرطية.
والخير : هو ما وصفه الدين بالحُسْن ووعد على فعله بالثواب.
ومعنى ) تجدوه ( تجدوا جزاءه وثوابه، وهو الذي قصده فاعله، فكأنه وجد نفس الذي قدَّمه، وهذا استعمال كثير في القرآن والسنة أن يعبر عن عوض الشيء وجزائِه باسم المعوض عنه والمجازَى به، ومنه قول النبي ( ﷺ ) في الذي يَكنز المال ولا يؤدي حقه ( مُثِّل له يوم القيامة شُجاعاً أقْرَعَ يأخذ بلِهْزِمَتَيْه يقول : أنا مالك أنا كنزك ).
وضمير الغائب في ) تجدوه ( هو المفعول الأول ل ( تجدوا ) ومفعوله الثاني ) خيراً ).